لاشك في خطورة سد النهضة الاثيوبي بالنسبة لمصر مما يتطلب موقفا يتناسب مع الخطورة الهائلة علي مصر حسبما كشفت التقارير الدولية .
ad
ولابد ان تتحرك مصر سريعا وفق برنامج عاجل ودقيق.
كان رؤساء الدول الثلاثة المعنية مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا قد وقعوا وثيقة سميت إعلان المبادئ فى الخرطوم فى 23 مايو 2015 انطلقت منها المفاوضات حول ملء وادارة سد النهضة الذى كانت إثيوبيا قد بدأت بناءه .هذا الإعلان أصبح محل جدل ولكن هذا الجدل ليس هو السبب فى تعثر المفاوضات وانما السبب الرئيسى فى هذا التعثر هو تمسك إثيوبيا يفهم خاطئ لاعلان المبادئ وما دمنا نحلل أوجه النزاع بين مصر وإثيوبيا فإن الجدل حول هذا الإعلان مسألة عرضية .
ولكن هذا الإعلان أثار من ناحية أخرى لغطا فى مصر ورأيت فى هذه المقالة أن أقدم وجهة نظرى فى هذا الموضوع وذلك في النقاط الخمسة التالية :
ad
ـ أولا: أن إعلان المبادئ منشور بصفة رسمية فى موقع الأهرام وكذلك فى موقع الهيئة العامة للاستعلامات وكان يجب أن ينشر على موقع مجلس الوزراء أو رياسة الجمهورية أو وزارة الخارجية تعميما للفائدة.
ـ ثانياً: أن هذا الإعلان تضمن عشرة مبادئ لكى يهتدى بها المتفاوضون من الدول الثلاثة كى يتوصوا إلى اتفاق حول ملء السد وادارته.
وهذا الإعلان ليس معاهدة دولية ويترتب على ذلك ثلاثة أثار الأثر الأول أن الإعلان ملزم للدول الثلاثة ولكن الخلاف يقع حول التناقض بين مصر وإثيوبيا فى فهم الإعلان . صحيح أن الإعلان اعترف بأن إثيوبيا لها الحق في إستخدام المياه فى التنمية ولكن الإعلان من ناحية أخرى شدد على أن الحق فى التنمية مرهون بإحترام إثيوبيا لمبادئ القانون الدولى ولكن إثيوبيا اعتبرت هذا الإعلان تفويضا من مصر والسودان لاطلاق يد إثيوبيا فى السد وكأن الإعلان شيك على بياض من الدولتين لإثيوبيا وهذا غير صحيح .
الأثر الثانى هو أن رئيس الجمهورية ليس ملزما بعرض الإعلان على البرلمان وانما يصح أن ينفرد بالتوقيع عليه وهو ملتزم فقط بما نص عليه الدستور من التزامه بحماية الحقوق المائية المصرية فى نهر النيل ,ويترتب على ذلك أنه لا يجوز رقابة القضاء على الإعلان لأنه من صميم أعمال السيادة ولذلك كان موقف مجلس الدولة صحيحا عندما رفض الدعوى المقامة من المرحوم السفير إبراهيم يسرى على سند من القول ببطلان الإعلان لصدوره مخالفاً لموقف الدستور من المعاهدات .
الاثر الثالث هو أن الزعم بأن الرئيس قد تنازل عن حصة مصر بهذا الإعلان قول مردود لأن الرئيس ليس من سلطته فى الدستور أن يتنازل عن حق الحياة بالنسبة لمصر والمصريين بل على العكس كما ذكرنا.
وقد تمسكت مصر والسودان بالتفسير الصحيح لإعلان المبادئ ولكن إثيوبيا هى التى اطلقت يدها بطريقة انفرادية بعيدا عن الإعلان فإذا كان الإعلان والجدل حوله هو سبب تعثر المفاوضات والتسوية فيمكن تسوية النزاع حول الإعلان بسهولة.
ـ ثالثاً: تدرك الدول الثلاثة أن انفراد إثيوبيا ببناء السد متحررة من قيود الإعلان والتزاماته يلحق ضررا بليغا بمصر فإن مصر بوسعها أن تتجاهل الإعلان هى الأخرى ولا يحتاج الأمر إلى قرار سياسى أو قانونى أو قضائى لابطاله وإنما تستطيع مصر أن ترد على إثيوبيا بتركه وعدم إثارته ضمن مجموعة من الخطوات التى تؤمن حقوق مصر المائية.
ـ رابعاً: أن فرض إثيوبيا للأمر الواقع يعوق التسوية السلمية للنزاع ويترتب على ذلك أن تستخدم مصر والسودان كل الوسائل لاجبار إثيوبيا على احترام القانون الدولى.
ـ خامساً: موقف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى المتسامح مع الموقف الإثيوبى يفاقم من حدة الصراع ولا يساعد على أى تسوية سلمية .
وتعلم إثيوبيا جيدا أنها تجادل فى الباطل وأن موقف مصر يستند إلى حقوقها القانونية التاريخية والمكتسبة كما تدرك إثيوبيا حجم الضرر الذى يلحقه موقفها بمصر ولذلك لابد من استئناف المفاوضات على أسس جديدة ولكن مع احترام قواعد القانون الدولى.
جوهر النزاع بين اثيوبيا ومصر ان مصر ليس لها بدائل عن نهر النيل ولذلك مصر تعتمد اعتمد اعتمادا مطلقا علي مياه النيل كما ان حصتها لم تعد تكفيها امام الزيادة المضطردة في الاستخدامات والسكان, ولكن اثيوبيا كدولة منبع عليها التزامات قانونية لاتحترمها
وساعدها علي ذلك ثلاثة عوامل اولا هزال وضعف الموقف المصري وهو ماشكك في موقف الحكومة المصرية ثانيا الحرب في السودان ثالثا ليونة المواقف العربية والافريقية والامميةز
ويبدو ان اثيوبيا تتحالف مع امريكا واسرائيل والمطلوب جدية الموقف المصري والافريقي والاممي.
كاتب ودبلوماسي مصري
نقلا عن رأي اليوم