تصريحات وإدانات عربية خبيثة.. والحذر من أوروبا

فؤاد البطاينة

توقفوا عن تصريحاتكم وإداناتكم السامة حين تختزل كيان الإحتلال وجرائمه بشخص نتنياهو أو حكومته. فلا أنتم بهذا ولا غيركم قادر بعد اليوم على إيقاف انهيار وبطلان شرعية الكيان، ولا على تبرئتة وتبرئة إحتلاله ومشروعه، ولا على حرف وجهة انتفاضة شعوب العالم بشعارها ” فلسطين حرة” لا بشعار إسقاط حكومة نتنياهو.القضية الفلسطينية اليوم بحجم العالم، والعالم يعلم بأنكم لا تمثلونها، ولا تمثلون شعوبكم.

 

لماذا الإدانة للكيان وليس لرؤسائه

يا حكام الصحراء العربية وعباس في رام الله، إن رؤساء الكيان وحكوماته منتخبون من مستوطنيهم ويعبرون بأفعالهم وأعمالهم عن إرادة شعبهم، فليس في كيان الإحتلال منذ نشأته حاكم دكتاتوري مستبد أو غاصب للسلطة، أو لسلطة الكيان والقرار، ولا ساطي على دولة بأكملها كما أنتم فيه، ولا منهم من لا يخضع للمساءلة. فاحتلال فلسطين وزرعها بالمستوطنات وتهجير شعبها بالتطهير العرقي والإرهاب المستمر منذ عام 1948 ليس مرتبطاً بسياسة شخص أو أشخاص عابرين، بل مرتبط بكيان الإحتلال بأكمله، بسياسته ومشروعه وبإرهابه المتصاعد وبشعبه اللقيط والمجند. فلا إدانة لمجرمي الصهيونية بمعزل عن كيانهم ومشروعه ً. وما يجرى اليوم في غزة هو فصل متمم في سيرورة شرعنة احتلال وتهويد فلسطين وإنكار وجود شعب فلسطيني أولا وليس أخراً.

 

الهدف من تجنب إدانة الكيان

ولا تفسير لسعي حكام أنظمة العرب ومسؤوليهم اقتناص الفرص الرسمية وغير الرسمية، والدولية والمحلية لحرف بوصلة شعوبهم، وبوصلة العالم عن تجريم الكيان إلى تجريم رئيسه أو حكومته وعزو كل ما يجري بفلسطين وغزة لهم من دون الكيان، إلا في إطار أسباب ثلاثة.

ـ الأول: لعلمهم بارتباط مصيرهم بمصير الكيان، فيدافعون عن سلامة وجوده.

ـ الثاني: خوفاً على التطبيع وتبريراً مبطناً لإستمرارهم به وتمسكهم بالكيان.

ـ الثالث: مساواة أنفسهم كما يرونها مع من له مصلحة أساسية في الحرص على وجود الكيان كالدول الأوروبية كما سيلي، أو بالباحثين عن مكاسب وهمية كفئات من الإثنيات والطوائف من إخوتنا الأكراد والدروز.

العالم اليوم في ظرف تاريخي، تنتزع فيه المقاومة الفلسطينية وغزة القناع عن وجه هذا الكيان وتلتقط الحقيقة بثمن عظيم. لتخرس هذه الألسن الجبانة التي لا تشبع خيانة ولا تضليلاً. وبهذا نزجي كلمات التقدير والفخر لليمن على وقفتة لوحده مع فلسطين، وقفة مؤثرة على وقف حرب الإبادة. ومن العار على عربي أو مسلم أن يتجاهل تقدير تضحيات إيران التي يتحالفون عليها، والتي لو شاءت ولن تشاء، قادرة بمجرد انحناءة بسيطة لأمريكا أن تبطح بها كل أنظمتكم، فهل هذا مفهوم يا أنظمة الخليج، ويا كل من ينظر بعين ويغمض الأخرى؟

 

 الحذر من أوروبا

من الطبيعي أن تكون الدول الأوروبية المعنية أشد الحريصين على إنقاذ الكيان ومحلاً رئيسيا لحذرنا منها، وبهذا أقول، نحن أصحاب حق تاريخي لم ينقطع في أرض فلسطين. وإذا كان اليهود القدامى الحقيقيون المندثرون لم يسودوا على شبر واحد من فلسطين لدقيقة واحدة، والتاريخ الموثق وكتاب العهد القديم شاهد على ذلك، فإن الذين يحتلون فلسطين اليوم هم جماعات آرية متعددة الأصول من مملكة الخزر المتهودة والمنحلة، ولم تطأ أقدام أسلافهم يوماً أرض فلسطين بل احتلوها بتأمر أوروبي مع الحركة الصهيونية للتخلص من هؤلاء المتهودين بتصديرهم إلى فلسطين كوطن بديل لهم بعد أن خاضوا حروبا داخلية دامت أربعة قرون مع الدول الأوروبية الشرقية والغربية أنهكتها من أجل الحصول على دولة في بقعة من دولتهم التي احتلوها.

ومن هذه النقطة، علينا الحذر من أوروبا وروسيا أكثر من أمريكا فلو ذهب الإستعمار افتراضاً عن المنطقة وتخلت أمريكا عن الكيان فإن أوروبا لن تتخلى عن وجود هذا الكيان. حيث أن متهودي الخزر لن يقبلوا العيش في أمريكا وأوروبا كمواطنين بدون أن يكون لهم وطن أو دولة بديلة عن دولتهم التي احتلها الأوروبيون بالتعاون مع الروس وقسموها لدول، بل سيعودون بملايينهم إلى الدول الأوروبية وروسيا ينهشونها من الداخل وتعود المشكلة اليهودية إلى مصدريها. وهذا خط أحمر يهدد استقرار هذا الدول ومن الطبيعي أن يستبقوا حدوثه **

 

مآلات موقفي أمريكا وأوروبا من غزة

وفي هذا، إن ما يقوم به ترامب من دعم وتبني للكيان وحربه وبهذا الحجم والنوع من قوة إرهابية تدميرية، فإنما ينطوي بقصد أو دون قصد على توريط الكيان بفظائع تنال من شرعية وجود عالمياً، بينما الأوروبيون في الوقت الذي لا يفعلون فيه شيئا على الأرض لوقف المذابح الجماعية، فإنهم يلجؤون لوسائل ومسرحيات تمنح الكيان وقتاً، وتنال من شرعية القضية عندما يجعلون في كل مسرحية أو مبادرة أو بيان أو قرار، حيزاً لشيطنة المقاومة الفلسطينية وتسميتها بالإرهابية من دون الكيان، لإبعاد شبهة الإرهاب عنه رغم محارقه ومذابحه الجماعية في المدنيين والمدانة عالمياً وقضائياً، فالأوروبيون مستعدون لدفع أي ثمن لبقاء هؤلاء المتهودين في فلسطين

في الختام، المعروف بأن نظريتين في العالم هما المادية والروحية، وأن الفوز هو في تزاوجهما. ولكن عندما يحصل الطلاق بينهما ويدخلان في حرب بينهما فلمن الفوز. أرى أمريكا هي الأغنى ماديا في العالم والأفقر روحياً، وغزة الأغنى روحيا والأفقر مادياً، يدخلان في حرب، فلمن الغلبة تكون. أرى نصراً عظيما يولد في غزة من رحم أعظم فشل تعيشه الأمة المفتقدة للروح والمادة. أرى لكيان الصهيو\امريكي يُصارع الإنهيار بطوفان الأقصى الذي طاف العالم، يفيض في فلسطين ويغسلها من دنس المحتلين الصهاينة ويجرفهم الى حيث كانوا. أرى أمريكا ترامب ترسل رسالة المُطلق النار وهو هارب، وجيش تحالف المستعمرين الذي لم يوفر سلاحا قذرا إلا واستخدمه يبحث عن طريقة يداري بها فشله، والمستوطنون يرحلون هاربين والكيان يسقط داخليا وخارجيا وصورته مُسخت، ومسيرته تتوجه للخلف ومشروعه الصهيوني يتحول لحلم فاسد.

كاتب عربي اردني

اثنين, 29/09/2025 - 11:49