زوار الليل!

خالد الفاظل

يُلاحظ أن جرائم اقتحام المنازل أو التسلل إليها خلسة خرجت نطاق العاصمة نواكشوط، وأخذت تجد لها امتدادا في الدواخل الآمنة نسبيا...
زوار الليل أو (كولابة) الهواتف والمقتنيات الخفيفة أصبحوا لا ينقطعون عن " قيام الليل " في حينا. خاصة مع فصل الصيف، حيث تفضل الساكنة النوم في الهواء الطلق تجنبا للبيوت التي تصبح أفرانا إذا لم يكن بها تكييف أو مرواح لا تتوقف عن الحركة مثل مزارع الرياح..
هذا التحدي سيفرض طبعا على سكان الدواخل تعميق التمدن. لكن لمواجهته في أحواش جلها مبني على التصاميم القديمة والمفتوحة، حيطان قاماتها قصيرة، أو زرائب مفتوحة من الحطب وشبابيك يسهل فصل أسلاكها. فأن تعميق التمدن يتطلب:
- خفض أسعار الأسمنت الباهظة للغاية، حتى يقدر المواطن بإمكانياته المحدودة على التطاول في البنيان والاستزادة من الخرسانة لتأمين منزله أكثر..
- التثقيف في الأمور القانونية من خلال حملات التوعية. لأن الذهاب للجهات المختصة أحيانا يكون أكثر تعقيدا، ويصيب المواطن بالنفور والارتياب من تلك الإجراءات البطيئة والمعقدة والتي يسهل فيها تضليل المواطن لأنه لا يفهم طبيعة المساطر وأهمية الأدلة..
- فتح دورات في الفنون القتالية، لأن سلاح من يدافع عن نفسه مثل النعالة أو الجيرة أو المكنسة أو الأسلحة الفتاكة مثل حجارة التيمم و لمدگة و المرغاية و الدبوس و مقص الأظافر و تورنفيس قد تصبح في يد خصمه إذا كان لا يمتلك المهارة الكافية لاستخدامها...
- القيام بحملة توعية ذات طابع ديني تقلل نفور الناس من الكلاب. فالفتية الذين آمنوا بربهم وذهبوا للكهف وحرستهم عناية الله لثلاثة قرون وأكثر، كان بجانبهم كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد. فالكلاب ميزها الله عن بقية الحيونات الأخرى بالقدرة على الحراسة وشم الأخطار المحدقة والقريبة...
- التوعية في مجال الأمن السيبراني وأجهزة الإنذار المبكر وكاميرات المراقبة وأنظمة الحماية بشكل عام، ولا بأس إن دخلت هذه الأشياء في المناهج التربوية على شكل ورشات دورية..
- التثقيف في أساليب الهروب الماكر، لأن المثل الشعبي يقول: " لهروب يعي يسلك ". لأن الهروب أحيانا يكون خيارا استراتيجيا شرط أن يتم بطريقة احترافية لا تخلوا من " النخوة والفتوة  والمروءة "، وأن لا تترك أحدا من الرعية وراء ظهرك. ورغم أننا في عصر الخلاص الفردي، إلا أن الهروب يبقى قبيحا ومهما كانت مصوغاته، لكنه أحيانا يصبح شبيها بمخرج الطوارئ في الطائرات والباصات والمباني والعمارات، وباختصار: " لهروب شين يغير يعي يسلك "..
طبعا، الجريمة مظهر من مظاهر المدينة. لكن في ظل مشاكل التعليم وانتشار الفقر والتفكك الأسري وغياب العدالة الاجتماعية وتعاطي المخدرات والرشوة وتصاعد خطابات الكراهية والتحريض على مستوى (النخب) وعلى مستوى الشعب من خلال فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن تحديات أخطار الهجرة لغير منظمة. فمن المتوقع أن تتوسع هذه الظاهرة أكثر خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية ما لم تواجه بحكمة وحزم وخطة طويلة النفس...
كما قال نمس في فيلم أمير البحار: " ثمن التثبيت الجميل انتهى "، فإننا نقول أيضا للمواطن الموريتاني، أن زمن " الگروح " الجميل انتهى، ولا بد من التصالح مع الجدران والأقفال وكل أنظمة الحماية المتاحة بما فيها خطة أقوم بها، من خلال جعل أزواج جميع أحذيتي عند عتبة الباب، كي يظن زائر الليل أن هناك أكثر من شخص داخل البيت. إضافة للاستفادة من خبرة الجدّات في لملم، من خلال وضع المقتنيات في أماكن لا تخطر على البال...
والسؤال الموجه للمتابعين، ماهي وسائل الحماية المبتكرة في التأمين والتي وجدتها أكثر فاعلية من غيرها؟ الإجابة ربما تفيد الآخرين. وهل لديك تجربة شخصية استطعت فيها التغلب على زوار الليل بالعقل والذكاء أو بالمواجهة المباشرة والحكيمة؟ وليس بأساليب السينما الهندية حيث يوقف البطل الرصاصة بأسنانه ويرد السكين الحادة براحة يده ويضرب الخصم فيطير جسمه عدة أمتار نحو الخلف...
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

خميس, 17/04/2025 - 10:57