مقاومة الرقمنة

الهيبه الشيخ سيداتي

ليس مفاجئا أن يواجه توظيف الرقمنة لتحرير الخدمات من قبضة الإدارة البيروقراطية مقاومة من بعض الدوائر التي اعتادت استغلال الخدمات العمومية لابتزاز المواطن. وبدل المعارضة التقليدية التي فقدت حيويتها وتأثيرها وتم احتواؤها بفعل مناورات الرئيس غزواني الماهرة، تبرز  معارضة قوية من نوع مختلف ومن داخل النظام هذه المرة هي مقاومة الرقمنة. 
 بفعل الأنظمة الرقمية تم خلال ستة أشهر ضبط  120 ألف مخالفة مرورية، لا رشوة فيها هذه المرة، بمدينة نواكشوط وحدها وسددت الغرامات المترتبة عليها للخزينة. 
الشهادات المزورة أصبح كشفها متاحا من خلال تطبيق إلكتروني، ولم يعد ضبط حضور المدرسين ومستوى تحصيل التلاميذ خاضعا لتقدير مدير المدرسة أو المدير الجهوي، لأن البيانات المتعلقة بذلك أصبحت تسجل يوميا وفق النظام الرقمي. 
عمال قطاع العدل الذين كان بعضهم يمتهن الاتجار بصحيفة السوابق العدلية (شهادة التبريز) ستتضرر مصالحهم، مثلما تضررت مصالح زملائهم في شركتي  الماء والكهرباء وإدارة الضرائب بفعل استغناء المواطن عن خدماتهم الغالية المهينة. 
 معارضة هؤلاء ستكون قوية وعنيدة جدا لأن الأمر يتعلق بمنافع شخصية لا غنى لأصحابها عنها. 
أهم وسيلة لمحاربة الفساد في هذه البلاد هي تقليص دور الإنسان وتعويضه بأجهزة رقمية صماء تقدم الخدمة حسب ما برمجت عليه وليس حسب مزاج ومصالح المسؤول.

جمعة, 11/04/2025 - 11:30