"خظ الماء يجيك الطين" السلالي لا يؤمن بوطن

 السالك زيد

حراس الوهم ممن يؤمنون بأنهم من سلالات نادرة يجب الحفاظ عليها من الاندثار أو الاختلاط مع سلالات أخرى أقل درجة، لا تصمد شعاراتهم المتعلقة بالخوف على الدولة والمجتمع كثيرا، خاصة في ظل تفلت أعصابهم أمام أبسط استفزاز.
فتجد الواحد منهم ينظر حول الوطنية والخوف على مستقبل البلد، وفجأة عندما يسمع ما يمس أناه كابن شرعي لسلالة نقية لا توجد إلا في مخيلته يكشف عن حقيقته التي كان يخفي وراء شعارات مزيفة.
الوطن بالنسبة له لا يعني شيئا .. والمجتمع عنده لا يعني كل الناس بغض النظر عن ألوانهم وألسنتهم .. بل الوطن يعني "السلالة" الشريفة فقط.. إنه مذهب إبليس 
النظرة النمطية عنده لرائحة إبط  "الحرطاني"  هي نفسها النظرة النمطية للمهاجر "الأسمر" فمهما كان مستوى تعلم الاثنين ومستوى رقيهما فيظل الأول في مخيلته مجرد "عبد مخنز" والثاني "كوري سارق مدمن مخدرات وآكل لحوم بشر حتى لو ثبت العكس" 
هذه المخيلة هي التي تنتج الآن الخطاب التحريضي ضد المهاجرين واللاجئين، والسلالي لا يفرق بين الاثنين، لكنه يفرق بين المهاجرين واللاجئين السمر وفاتحي البشرة.. يخاف حد التبول في سرواله من الأول مهما بلغ من المسالمة، ويبتسم حتى تظهر ضرس العقل عنده للآخر حتى لو كان مهرب مخدرات أو متاجر بالبشر أو سارق.
مخيلة هؤلاء تجمح لأفكار لا تخطر على بال الجن الأزرق، فهم يتوهمون الآن أن جميع أجهزة الاستخبارات حول العالم تعمل على طمس هوية السلالة، ولا أحد يدري بالتحديد الهدف من ذلك.. وهؤلاء لا يعرفون أن أبناء عمومتهم من السلالة بعد تسلقهم حائط المكسيك كتب على أوراقهم في خانقة اللون Black .. وأن قضاياهم لدى المحاكم أكثرها أنهم "عبيد سابقين" .. فمن أين جاء الخوف من هذا التهديد الخارجي وما مصدره وما سببه؟ الراجح أن الأمر لا يعدو كونه مضاعفات "المجبنه"
بالنسبة لهؤلاء "لكور" 15% من الشعب، طبعا هذه إحصاءات أبناء السلالة استخلصوها بذكائهم السلالي الفطري، وأما بقية الشرائح أكثر من هذا بقليل، لكن لا يهم، لا خوف على سلالاتهم ولا أنسابهم ولا هم يحزنون… ذكاء هؤلاء لا يتوقف هنا فقط، فالسلالي يمكن أن يعرف المهاجر من المواطن بنظرة واحدة ومن على بعد مد البصر.. 
إذا سألتني كيف يفعل ذلك .. سأقول لك يفعلها كما فعلها جده من قبل .. فقد ذهب في رحلة حج مشهودة على ظهر "بعرة".. السلالي وحده خارق للطبيعة.. 
من يرفضون الخطاب التحريضي ضد المهاجرين ونشر الذعر بين المواطنين، يعتبرهم السلالي خونة وأصحاب عقد نفسية وشعور بالدونية .. وهنا يؤكد السلالي أيضا أن القضية عنده ليست قضية وطن وشعب .. وإنما قضية سلالة لا توجد سوى في مخيلته..أحدهم يفكر في سبعين سنة قادمة، إنه يخاف من أن يكون في قبره، وتتزوج حفيدة له برجل من أصول مهاجرة لا أصل له متصل بأحد العشرة المبشرين بالجنة ولو كذبا..  ربما سيكون ذلك أشد عليه من عذاب القبر… رغم أن المهاجرين لديهم مشاكلهم وطموحاتهم وعابرو سبيل إلى أرض الأحلام، أما أرض السلالة فهي أرض الكوابيس بالنسبة لهم، غير أنهم يجب أن يمروا عليها في الطريق نحو الهدف.. 
اهدأوا قليلا فالسلالة لا خوف عليها إلا من هجرة ابنائها وارتباطهم بالشقراوات والسمراوات في بلاد العم سام والقارة العجوز وفي أعماق القارة السمراء.. هذا هو التهديد الوحيد لاستمرار السلالة الشريفة.
أما المهاجر فلم يهرب من ويلات دولته ليستقر به المقام في وليات تلك الصحراء، وكما دخلها بطريقة شرعية أو غير شرعية، سيخرج منها  أيضا نحو وجهة جديدة.. فلا تحرضوا الناس على المساكين، ولا تزرعوا الذعر في شعبكم فهو شعب يخاف من ظله. 
تحياتي للشباب الواعي الذي تجاوز معضلة الفكر السلالي، ويهتم بالإنسان ويدفع إلى بناء دولة قانون تكفل للجميع حقوقهم ويؤمن بثقافة الاختلاف وجمالها ويناقش بشكل عقلاني بعيدا عن عاطفة السلالي البدوية.

اثنين, 24/02/2025 - 10:10