أعزُّ مكان في الدُّنى سرجٌ سابح * وخيرُ جليس في الزمان كتابُ
- المتنبي -
كانت الأمور واضحة في زمن المتنبي.. الكتاب هو الكتاب الورقي، ولا يوجد غيره. اليوم وقد ظهرت الكتب الرقمية، فإن سؤالا يطرح نفسه: أي الجلساء أفضل .. الكتاب الورقي أم الكتاب الرقمي؟
شخصيا لا أجد متعة إلاّ في مجالسة الكتاب الورقي، حتى ولو كنت أعرف أن الفائدة أكثر وأعظم في الانترنيت اليوم؛ لكن الكتاب يقترن في ذهني مع دخول دكاكين بيع الكتب، والتسكع أمام الرفوف لاكتشاف قراءة جديدة.. لا أجد متعة روحية عميقة في مطالعة النسخ الإلكترونية التي غالبا ما تكون في نظري يابسة جرداء. لا تتيح متعة اللمس باليد، وتمرير الصفحات وتقبيلها، و وضع الكتاب على الصدر، والانتعاش بشم رائحة الأوراق العطرة، وقراءة مقتطفات من هنا وهناك، وكتابة إهداء لصديق عزيز أو إضافة ملاحظة على هامش فكرة، الخ..
ومع ذلك، لا أنكر جوانب إيجابية كثيرة وميزات عديدة يتمتع بها الكتاب الرقمي.
إن لنا - نحن الشناقطة- مع الكتب الورقية من الألفة والأخوة والحميمية العميقة ما لا يقاس بعلاقتنا - الحديثة جدا - بشاشات الهواتف الذكية والحواسيب.
وأختم بسؤال موجه لأهل الاختصاص: هل القراءة في الكمبيوتر تفي بمعنى "المطالعة"؟ وهل يمكن اعتبار الكتاب الرقمي جليسا بالمعنى المقصود في بيت المتنبي ؟
وحتى لا أفهم خطأ، أؤكد أن المقارنة بين الكتب الرقمية والكتب الورقية قد لا تكون هي نفسها المقارنة بين المواقع الإلكترونية المعنية بالإعلام وتغطية الأخبار من جهة، والصحف والجرائد الورقية من جهة أخرى.
وكُلاّ وعدنا التقدير والاعتبار.