عطفا على غزل الشاه :

الشيخ معاذ سيدي عبد الله

استجاد الصحابة شعر الغزل، وفيهم من رواه واستشهد به .. ومن التابعين شعراء عشقوا وتغزلوا غزلا حسيا صارخا..
وكان عروة بن أذينة وهو من هو علما وفقها عاشقا ومتغزلا، وكان يكتب شعر الغزل للمغني ابن عائشة ليغنيه في المجالس ...
وليست قصيدته : 
إن التي زعمت فؤادك ملّها == خلقت هواك كما خلقتَ هوىً لها
ببعيدة منا ...

وفي كتاب ( غزل الفقهاء) يقول الطنطاوي :

"كان قاضي القضاة ابن خلكان المشهور،  يعشق ابن الملك المسعود بن المظفر، وكان قد تيمه حبه، قال القاضي التبريزي: كنت عنده في العادلية (دار المجمع العلمي اليوم) في بعض الليالي، فلما انصرف الناس من عنده قال لي: نم أنت ههنا. وألقى علي فروة، وقام يدور حول البركة، ويكرر هذين البيتين إلى أن أصبحنا فتوضأنا وصلينا، والبيتان هما:

أنا والله هالك == آيس من سلامتي

أو أرى القامة التي == قد أقامت قيامتي

ولما فشا أمره، منع الملك ابنه من الركوب، فاشتد ذلك على ابن خلكان، فكان مما قال:

إن لم تجودوا بالوصال تعطفاً == ورأيتم هجري وفرط تجنبي

لا تمنعوا عيني القريحة أن ترى == يوم الخميس جمالكم في الموكب

لو كنت تعلم يا حبيبي ما الذي == ألقاه من كمد إذا لم تركب

لرحمتني ورثيت لي من حالة == لولاك لم يك حملها من مذهبي

ومن البلية والرزية أنني == أقضي ولا تدري الذي قد حل بي

قسماً بوجهك وهو بدر طالع == وبليل طرَّتك التي كالغيهب

لو لم أكن في رتبة أرعى لها == العهد القديم صيانة للمنصب

لهتكت ستري في هواك ولذ لي== خلع العذار ولو ألح مؤنبي

لكن خشيت بأن يقول عواذلي == قد جن هذا الشيخ في هذا الصبي

فارحم فديتك حرقة قد قاربت == كشف القناع بحق ذِيَّاك النبي

لا تفضحن بحبك الصبَّ الذي == جرعته في الحب أكدر مشرب 

وله فيه شعر كثير جدا".

وهذا إن صحّ فهو عشق رجل لرجل، فما بالك بمن عشق أنثى ؟..

ويروي العقاد في حديثه عن عمر بن أبي ربيعة :
"كان ابن عباس رضى الله عنه فى المسجد الحرام وعنده نافع بن الأزرق وجماعة من الخوارج يسألونه ويستفتونه، إذ أقبل عمر بن أبى ربيعة فى ثوبين مصبوغين مورّدين حتى دخل وجلس، فأقبل عليه ابن عباس يستنشده من شعره، فأنشده الرائية التى يقول فى مطلعها:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر غداة غد أم رائح فمهجّر

إلى أن أتمها.

فالتفت إليه نافع بن الأزرق قائلاً: الله يا ابن عباس ! إنا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصى البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترفٌ فينشدك:

رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيخزى وأما بالعشى فيخسر

فبادره ابن عباس قائلاً: ليس هكذا قال. إنما قال:

رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشى فيخصر ( يبرد )

وعجب نافع من حفظ ابن عباس للبيت، فأعاد عليه القصيدة كما جاء فى بعض الروايات من مطلعها إلى ختامها، وقال لمن لامه فى حفظها: إنا نستجيدها. ثم أقبل على «ابن أبى ربيعة» يستزيده فأنشده:

تشطّ غدًا دار جيراننا

وسكت، فقال ابن عباس:

وللدار بعد غد أبعد

فقال له عمر: كذلك قلت ــ أصلحك الله ــ أسمعته؟ قال: لا، ولكن كذلك ينبغى.

وكان بعد ذلك كثيرًا ما يسأل: هل أحدث هذا المغيرىّ شيئًا بعدنا؟.

وعندما ألقى كعب ابن زهير لاميته الشهيرة أمام النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقفه، ولم يعترض على غزله ولم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم من اعتراض على كلمة في القصيدة باستثناء طلبه من كعب استبدال قوله : 
(مهند من سيوف الهند مسلول)
ب : ( مهند من سيوف الله مسلول)...

معناه أنه يجب التخفيف من هذا التشدد والتطرف في أمر لم يكن بكل هذا الاستنكار في عصورنا الاسلامية الزاهرة ....
موجبه غزل الاستاذ الشاه...

خميس, 08/07/2021 - 20:54