إليكم في العدوة القصوى.. رأي على رأي

عبدوتي عال محمد احمد

عرفنا في الأستاذ محمد غلام ولد الحاج الشيخ روح التفاؤل وتقديم الجوانب الايجابية على غيرها، ولكنه خرج علينا بمقال مرعب، بثير الهواجس، ويرفع الضغط، حفل بعبارات من قبيل "المخاوف، التوتر، التعثرات، الصورة المشوهة، مغاليق النفوس، التشوه، الفزع، التخويف، الرعب، التحريض، الغل،  الصورة القاتمة، العقبات، الثارات، الخصومات، الأزمة الداخلية ..) 
يبدأ المقال بالحديث عن "الآخر" (الذي سنعرف لاحقا انه يختصره من بين كل الفاعلين في رأس النظام الحالي) مطالبا بوضع "الخطط" وبـ"الصبر" وبـ"النفرة" إلى النظام، ونزع ما في نفوس من يحيطون به من "غل" وإعطائه "التطمينات" الضرورية، وشرح التطلعات "المتواضعة" لحزبنا، وتعديل  الصورة "القاتمة" من خلال بذل جهد "مستمر" في العلاقات "العامة والخاصة". 
ورغم حالة الاستنفار التي على الحزب إعلانها، لينجو بجلده، فإن المقال يؤكد على أن ما فم شي لاحك لعظم، من خلال تبرئة الرئيس من "الانقلابات" و من الصراع "معنا أو مع غيرنا".
ثم يختتم المقال بفتوى جواز "اللقاء مع الرئيس وكل مساعديه"]مطلقا، بإذن أو بدون إذن، من بين يدي الحزب أو من خلفه[ ويدعو بدلا من التبرم من ذلك، إلى انتظار "المطر" و"الخراج" والتحول إلى خلية نحل "ترتشف من الأزاهير مستفيدة من جهد الجميع" مع "الاحتفاظ لملك النحل" بنصيبه، وإعطاء "الرواحل" الذين "أرهقوا كدحا" حقهم.
 لا اعرف بالضبط الظروف التي كتب فيها المقال ولكنني اجزم أن "ديوان المتنبي" لم يكن بجانبه الأستاذ غلام حينما كتب هذا المقال.
في نفس المقال يؤكد الأستاذ غلام على أن "الأحزاب الحقيقية هي انعكاس مصغر للمجتمع بتنوعه، وينبغي أن تكون كذلك، فيها رقيق التدين والقريب من الغلو وفبها المستقيم والظالم لنفسه"، ورغم أن شروط الانتساب للحزب معروفة للجميع ولا تقصي أحدا للاعتبارات السابقة، إلا ان النظام الأساسي للحزب ونظامه الداخلي يضعان شروطا واضحة تفرض الانضباط بأطر الحزب، ونصوصه، واحترام مؤسساته، وهيكليته، وتراتبيته، وقد كتبت كل تلك النصوص، قبل عهد "البناء والنماء" الغزواني. 
يستحق الأستاذ غلام الشكر لأنه أفرج عنا في آخر المقال حينما طالب بالشفافية والذهاب إلى الرأي العام، ولولا هذه المنحة "السلطانية" لما كان لنا أن نعلق على هذا المقال "المرصع بمقولات تذكرنا بعهد "الخير جان بمجيكم".
ولكن "الفتكة البكر" بالتحليل الذي قدمه الأستاذ غلام و "تقطيع أعناق" مقاله، الذي قدم حالة ناصعة البياض لمشهد ذو كفة واحدة تاتي في نهاية نفس "المقال" حينما اختصر الأستاذ غلام الوضع بكوننا نعيش حالة من " اشتباه الفرص وتلبُّد الأجواء" وهو ما يقتضي استحضار الحديث “فإن غم عليكم فاقدروا له قدره”، ولكنه الأستاذ غلام  للأمانة ما زال محتفظا بكفة واحدة "للتقدير".
في الختام، نطمئن الأستاذ غلام، على الحزب، فللحزب رب يحميه، وقيادة تسوسه، ومناضلون لم يملوا النزال، ولن يدخر الحزب جهدا في إعطاء الفرص للنظام لعله يصلح من شأنه، ويتخلص من منظومة الفساد التي تطوقه من كل مكان، ولكنه لن يخون شعبا جعله في قيادة المعارضة، شعب يحتضنة بحرارة في كل موسم انتخابي، شعب اعزل، يسحق يوميا في ساحات المطالبة بحقوقه الأساسية، من الشكات حتى تيفيرت مرورا بنواكشوط.

ثلاثاء, 29/12/2020 - 18:48