لم تكن تراودنا -ونحن نفر من الشباب نلج باب التلفزة عن طريق مسابقة - أدنى فكرة عن تفاصيل يوميات عمال التلفزة الموريتانية، ولا عن طرق وآليات تسيير المصادر البشرية في القناة، كل ما كنا ندركه أننا ولجنا بمجهوداتنا الذاتية بوابة الدخول إلى مؤسسة لها رمزيتها وقدسيتها ومكانتها في نفوس الموريتانيين.
دارت الأيام ودخلنا في فترة تربص كان البعض ينظر إلينا شزرا وتوجسا، تدريجيا أخذ كل منا موقعه حسب ميوله وقدراته وهوايته، واتسعت دائرة قبولنا تحت إكراهات الحاجة إلينا وطبيعة الأمر الواقع.
على طول هذه الفترة تعرضنا من طرف المشرفين على القطاعات للكثير من الظلم والإكراه الإداري وغياب أي رقابة على محتوى المخرج الإعلامي المقدم للمشاهد، مع فساد إداري ومالي وتحايل على حقوق العمال وغبن وتهميش وصفقات تطبخ في الظلام حتى اهتزت هيبة المؤسسة وأصبحت وسيلة للسمسرة والاسترزاق، وحين تحل مناسبات وطنية كبرى يصبح الجناح الإداري يعج بديناصورات غايتها الحصول على صفقات ومنح مالية على أن يبقى للعمال البسطاء نصيب السهر والتعب والإرهاق.
هذا في الوقت الذي تواصل فيه الإدارة العامة آنذاك مسلسل المماطلة والتسويف والتبريرات الوهمية مدعومة في ذلك من جهود لوبيات كانت تتحكم في المنافع المنتظرة من بقرة حلوب إسمها قناة الموريتانية.
مسلسل التسويف هذا تم تتويجه بالاستغناء عن نصف المجموعة الشبابية التي دخلت المؤسسة عن طريق المسابقة التي نظمتها بملء إرادتها وتم تسويقها على أنها فتح مبين.
فيما غادرت غالبية المجموعة التي تم الاحتفاظ بها تحت وطأة الضغط والتهميش وتضآل آمال أكذوبة الترسيم، وما بقي من أفراد المسابقة هم قلة يعدون على رؤوس الأصابع عضت بالتواجذ على حق لها مفترض في الترسيم.
لم تكن بداية شهر نوفمبر 2018 متميزة عن سوابقها في السنوات الماضية إلى أن أطل علينا مرسوم رئاسي بتغيير الهرم الإداري للقناة، بتعيين الأستاذ عبد الله ولد أحمد دامو مديرا عاما للتلفزة الموريتانية، لم تكن مهمة الرجل بسيطة ففي جولة أولية للرجل داخل أروقة المؤسسة وباحتها التي كانت تغص بمياه المستنقعات وشجر التفويد وتطل بوجه شاحب على الشارع الرئيس، وبدون مرافق عمومية.
كما لم تكن إمكانيات التلفزة فنيا ولوجستيا قادرة على مواكبة أي حدث وطني كبير دون اللجوء إلى أشخاص داخل التلفزة يمتلكون كاميرات وأجهزة مونتاج غايتهم إضعاف المؤسسة حتى تكون مضطرة للاستعانة بهم تحت طائلة الحاجة وقلة الوسائل والإمكانات.
اليوم ونحن نعيش الذكرى الأولى لتعيين الأستاذ عبد الله ولد أحمد دامو على إدارة التلفزة التي كانت تعيش حالة انهيار وإفلاس، أصبح الإصلاح ممكنا وواقعا بعد ما كان وهما وخيط دخان، وهي مناسبة لاستعراض بعض ما تحقق في سنوية المدير العام الأستاذ عبد الله ولد أحمد دامو.
- الشروع في تنفيذ مشروع إعادة هيكلة بناء مقر جديد للقناة قادر على استيعاب استديوهات ومقرات لمكاتب باقة الموريتانية
- اقتناء سيارات لتعزيز أسطول القناة من السيارات حيث أصبحت قادرة على ابتعاث رحلات إنتاجية في كافة ولايات الوطن.
- شراء كاميرات وأجهزة المونتاج بكميات كافية لتغطية كافة الأنشطة اليومية والأحداث الوطنية الكبرى
- إصلاح النظام الإداري والمالي للمؤسسة وتحيين قاعدة المعلومات عن المصادر البشرية التي تمتلكها القناة، والوفاء بالتزامات المؤسسة اتجاه الموردين والشركاء.
- تسوية وضعية العمال المتعاونين بدفع رواتب من كان يعمل دون راتب شهري وانتظام رواتب البعض التي كانت متقطعة وزيادة الرواتب والعمل على تحسين الظروف العامة للعمال
- تحسين الشكل البصري للقناة والعمل على استكمال مشروع تحديث وعصرنة الجوانب الشكل التي تطل من خلالها القناة على المشاهدين.
- فتح المجال أمام تغيير النمط التقليدي للمعالجات الإخبارية عبر طرق مواضيع كانت في الماضي القريب من المسكوت عنه.
- توفير المستلزمات الضرورية لوجستيا وماديا وحتى بشريا للقنوات المنضمة تحت باقة الموريتانية حيث تم تعزيز طواقمها بكفاءات شبابية قادرة على العطاء والإنتاجية
ويبقى الأمل يكبر حتى تكتمل اللوحة بترسيم العمال واستمرار قافلة الإصلاح التي تستكمل هذه الأيام ذكراها السنوية الأولى.