ساحة الحرية .. دلالات و تطلعات

زين العابدين علي بتيش

إسمها مثقل بالدلالات السياسية .. "  ساحة الحرية " .. و الحرية جزء لا يتجزء من شعارات ثورات ما تعرف بالربيع العربي " عيش _ حرية _ عدالة اجتماعية " ..
أما موقعها الجغرافي فيحمل دلالات من نوع سياسي خاص .. تقع جنوب القصر الرئاسي ، و ما أدراك ما القصر الرئاسي ..
و غرب وزارة الداخلية .. و شمال المجلس الجهوي لانواكشوط ، و  شمال غرب إذاعة موريتانيا .. 
في حين يحمل توقيت فتحها للجمهور دلالات لا تقل أهمية .. إنه موسم الحرية مع انتهاء عهد وبداية عهد جديد .. عهد السيد غزواني .
ولكن كل الدلالات تبقى ثانوية أمام الأهمية الترفيهية لهذه الساحة ..
والشعب الموريتاني _ ككل الشعوب المعاصرة _ شعب يحب الترفيه ، و ينطلق في رحلات تنزهية أسبوعية و شهرية نحو البحر و أماكن معهودة للتنزه ، " شارع مسعود _ سوكوكو _ ما بعد ضواحي انواكشوط  على طريقي روصو و اكجوجت و حتى طريق الأمل ...." 
لا يريد الشعب ساحة حرية واحدة في قلب العاصمة و أمام القصر الرئاسي ، بل يتطلع إلى ساحات و منتزهات في كل مقاطعة و ولاية إن لم تكن في كل حي و حارة .
نريد ساحات للترفيه في المدارس من أجل تشجيع التلاميذ على حب المدرسة و الإشتياق لها .
نتطلع لإشباع حاجية الترفيه لدى هذا الشعب كأي حاجيات أخرى " تعليم .. صحة ..." ، فالترفيه لا يقل أهمية عن غيره من المجالات التي تتدخل الدولة فيها ، وبعد انتقال الدولة من حارسة إلى متدخلة وجب عليها توفير منتزهات للشعب من أجل سعادته " وراحته النفسية " ، حتى وصل الأمر ببعض الدول إلى إنشاء وزارة للسعادة ( الإمارات العربية أنموذجا ).
نحن لا نريد وزارة للسعادة ، فالسعادة في نهاية المطاف هي شأن ذاتي لا يمكن فرضه من الخارج ، و إنما نريد توفير ظروف عامة تشعر هذا الشعب المطحون بقليل من السعادة ، هذا الشعب الذي عرف كل أشكال القهر و العبودية و البطالة و الفقر و نوفس في مصادر رزقه من طرف العمالة الأجنبية ، و تعرض لكل ما يمكن أن يسبب التعاسة في كافة أبعادها السياسية و الإجتماعية و الثقافية والدراسية والصحية ووو ...
فإنشاء ساحات عامة و منتزهات هو أقل ما يمكن أن تقوم به الجهات المعنية في حقه ، على أن تكون تلك الساحات متاحة للجميع : أغنياء و فقراء ، و يمكن أن يتنزه فيها الذي يقطن في الترحيل كالذي يقيم في تفرغ زينة سواء بسواء ..
كل ذلك يمكن أن يبعد الشعب كل الشعب عن خطر " إدمان الإنترنت " وهو إدمان ملاحظ منذ فترة ليست بالقصيرة ، بحيث أن الشعب لم يعد يقوم بشيء سوى ما يعرف محليا ب " اتكونكتي " 
لقد أحس الشعب أنه مدمن على الأنترنت بعد الإنقطاع الأخير لها ما بعد الإنتخابات الأخيرة ، و حين تسأل أي شخص يومها عن انطباعاته عن راحته و سعادته في ظل غياب الإنترنت يقول لك بأنه أصبح ينام نوما هنيئا ، مرتاح البال ، قرير العين ، مطمئن القلب ..
وما الإدمان على الإنترنت إلا بسبب غياب ساحات الترفيه و منتزهاته ، ولعل ساحة الحرية بداية موفقة في هذا المجال ، تجعل الشعب يغير من عاداته السلبية التي تتراكم و تنشؤ جيلا فاشلا في كل المستويات " تعليما و فكرا و تربية و أخلاقا وذوقا ..." 
وهي عادات تتطلب تضافر الجهود بين الجهات المعنية و بين الشعب بكل فئاته و مكوناته من أجل تغييرها للأفضل ، و الإستثمار في الإنسان .. من أجل مواطن متصالح مع واقعه ، فاهم لحقوقه وواجباته ، محب لوطنه ، و مساهم في نهضته المنشودة ، من أجل موريتانيا أفضل .. موريتانيا الجديدة .

اثنين, 19/08/2019 - 18:55