فلول التفاهة تقود المجتمع:

محمد حاميدو كانتى

فراغ الإعلام العمومي فاقم ظاهرة إعلام التواصل الإجتماعي (إعلام الشارع)

 

تطل علينا شبكات التواصل الإجتماعي بسيل من الظواهر الغريبة المنسوبة إلى الإعلام ..

وشخصيات غريبة عجيبة تصف نفسها بالإعلامية وتنادي بعضها بالإعلامي.. 

صناع المحتوى؛ بودكاستات؛ ترندات؛ فاينشستات؛ مصيبات؛ نائبات؛ فاجعات؛ كوارث ومصائب مواكيس وفتن؛ تافهون وتافهات ؛ ابتلاءات في حقيقة الأمر

لا بأس فشخصيات أخرى يفترض أنها نخبوية على علاتها تقبل نفسها ضيوفا لهذه الهرطقة وأخرى تجود عليها بالمال حلالا كان أم حراما !

".. ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون.."

2

مقابلات وثرثرة فارغة وجدالات تافهة على أقصى تقدير ، لا أهداف، لا ثقافة، لا رؤية، لا توجيه ولا إرشاد ولا أخلاق ولا شيء مهم مطلقا..

وأطم المطمات وأعوصها لغة هابطة وأشخاص مغرورين على تفاهتهم وسذاجتهم وحسن مظهرهم ذكورا وإناثا .. هبوط حاد حقيقة.

"يكذب الصادق ويصدق الكاذب ؛ يؤتمن الخائن ويخون الأمين"

3

ألا يكفينا أننا نعاني منذ سنوات من غياب مضامين مهمة ومهنية في إعلامنا العمومي (الإذاعة، الوكالة، التلفزة..) الذي يعاني من غياب محتوى مناسب، ترتقي فيه التفاهات وتهمش فيه الكفاءات وتقوده الإملاءات حتى صار فارغا هو الآخر .

جيل من الرويبضة وأشباه المتعلمين لا يفقهون ما يقولون ولا ما يفعلون، الألمعي فيهم من يملك موهبة التقليد الأعمى لمفرزات الإعلام الأجنبي دون فهم وبسطحية تدمي القلب..

"ولا تقف ما ليس لك به علم"

4

إن الحالة النفسية التي يعانيها شعبنا البدوي القبلي -والتي يمكن أن نطلق عليها "الإحساس بالذات" أو "تضخم الأنا" ظاهرا كان أم باطنا -حيث يحاول البعض أن يخبئه خلف تصنع التواضع والبساطة وذلك باعتبار أن مكانته بدهية ومعروفة- تلعب دورا كبيرا في حالة "الجهل" التي نعيشها طافية على السطح.

ماذا نفعل بجاهل لا يعلم أنه جاهل بل يرى أنه عارف!

أعاذنا الله ممن "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشواة.."

5

يمكن القول إن حالة التردي وغياب المحتوى في إعلامنا العمومي ، ساهمت في الصعود الصاروخي لإعلام التواصل الإجتماعي التافه أصلا ، كيف لا وهو لمن هب ودب فلا "مؤدب" ولا "مؤدب"

"فإذا جاء أمرنا.."

6

العقول والثقافة والدين والقيم "تنهار" بل "انهارت" فلا أدب ولا حياء ، صرنا كالآلة في كل ما نقوله وما نفعله ..

"ومن أتبع نفسه هواها.."

7

هل تتذكرون كلمات كهذه : الفكر، النقاش، السؤال، -ليس "التسول" مهنة العصر - إنما أن نطرح الأسئلة لنفهم -معذرة فقد صرنا مضطرين لشرح بعض الأشياء، نعيش حالة تردي ثقافي- كلمات صارت كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.

تلوكها الألسنة لأنها كلمات يكفي أن تنطقها ليقال : مثقف - في عصر "العجلة" هذا -لا أقصد إطار السيارة - معذرة!

"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "

8

"الإعلام" هو "الإخبار" و "الإنسان" ليس هو "الحيوان"، هذا يبدو وكأنه "تحصيل حاصل" !

"أفلا يتدبرون.."

9

حسنا، أليس "الإخبار" هو "تحصيل حاصل" يتم ترتيبه ثم تحليله ثم فهمه ثم تصنيفه ثم بعد ذلك إذاعته: إشاعته: نشره: نقله: تصويره. باختصار "إعلام الناس عنه بهدف"

إذن الإعلام ليست عملية عشوائية بل يقتضي : معرفة وتحققا وتدبرا وتقديرا وأمانة ثم اتخاذ القرار... هذه المواصفات ليست متاحة تماما لغير مؤهل "ولا أقصد الزواج"

معذرة

"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت "

10

الإعلام اليوم هو طليعة "جيش الدفاع" عن أي بلد لذلك يتوجب الحرص الشديد على إختيار "مقدمة الجيش" وإلا انهزم الجيش قبل أن يخوض المعركة أصلا..

فإلى أي حد يمكننا الحديث عن "مقدمة جيشنا" والحالة هذه..؟

"فأما الذين في قلوبهم زيغ"

11

الحاجة ملحة إلى حماية أجيالنا من التلوث السمعي والسمعي البصري والبصري ، الذي بات يخيم على مجتمعنا تماما وحتى على "نخبنا" التنفيذية و التشريعية والقضائية والسياسية والثقافية وغيرها ..

العقل زينة الرجال

12

الشخصية: ليست بدلة وربطة عنق وسيارة معدنية مزخرفة بالبلاستيك ومنزلا ضخما مؤثثا بقمامة الدول الصناعية ..

وليست هي وهم بشهرة زائفة وكلام عائم ممجوج ووهم بقيمة إجتماعية فارغة ولك أن تقول فيها "لا مساس"

وليست هي عطاء من لا يملك لمن لا يستحق باستغلال سلطة مشكوك في شرعيتها أصلا لأن معايير منحها غير واضحة تماما 

فإذا ما الجرح رم على فساد تبين فيه إهمال الطبيب

13

فيما مضى كنا نحارب "الأمية" واليوم صار لزاما علينا أن نحارب "الأمية" و "الجهل" والأدهى من ذلك حرب "عملية التجهيل بوهم التثقيف" وهي من أخبث وأقوى الحروب على مر التاريخ، خطيرة جدا خاصة وهي المتحكمة في وسائل الحرب ضدها "فبأي آلاء ربكما تكذبان"

اثنين, 25/03/2024 - 20:20