زوم الصحراء (43).. موريتانيا وأزمة النيجر..أي أفق وأي دور؟

لم تعد موريتانيا عضوا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا منذ ربع قرن، ولكن وجودها في عمق خريطة الغرب الإفريقي يفرض عليها إدارة علاقة استثنائية مع دول "السي دآو"، وهي بالطبع ليست دولة جارة للنيجر بالمعني الجغرافي ولكن تشابه تحديات الإقليم وتداخل العلاقات مع أطراف الأزمة يجعل موقفها محل اعتبار  بحسابات التأثير الاستراتيجي الواقع والمتوقع.

 

أين تقف موريتانيا من الأزمة؛ دورها وأفق هذا الدور؛ أسئلة نسعى في زوم الصحراء هذا الأسبوع للبحث لها عن أجوبة في ثالث حلقاتنا عن إنقلاب النيجر وتداعياته.

 

في الخلفية
هناك معطيات أساسية ضرورية الاستحضار في مستهل الحديث عن الموقف الموريتاني من الأزمة:
✔️ موريتانيا عضو مؤسس في المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ، ولكنها قررت الخروج من المنظمة نهاية القرن الماضي على أساس تقديرات مرتبطة بالتحالفات والتموقعات في المنطقة حينها.
✔️ وموريتانيا عضو مؤسس لمجموعة الخمس في الساحل التي يوجد مقرها بانواكشوط وهي المجموعة الموجودة في عمق الأزمة متعددة الأوجه التي تضرب المنطقة حاليا (أعضاء المجموعة للتذكير هي : موريتانيا؛ مالي؛ النيجر؛ بوركينا افاسو؛ اتشاد).

 

علاقات متشابكة 
✔️ ترتبط موريتانيا  بعلاقات متشابكة وأحيانا معقدة مع أطراف الأزمة :
☑️ أول تلك العلاقات مع الرئيس المطاح به في انقلاب السادس والعشرين من يوليو بازوم الذي تقول مصادر داعمة له في انيامي إن علاقاته بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قوية.
☑️ وموريتانيا مصنفة ضمن الدول ذات الوضع الاستثنائي في العلاقة مع الناتو الذي يصنف أمنها ضمن أمنه الاستراتيجي.
☑️ ولموريتانيا علاقة ممتدة وقوية مع باريس، وقد كانت فرنسا آخر دولة يزورها الرئيس غزواني في طريق عودته من الصين وقبل المشاركة في قمة أبوجا.
☑️ وتدير موريتانيا علاقة حذرة مع روسيا التي حضر الوزير الأول محمد ولد بلال قمتها مع القادة الأفارقة، وهي القمة التي انطلقت في الساعات التي تلت احتجاز بازوم في قصر الرئاسة بانيامي.
☑️ وقبل أقل من شهر كان وفد عسكري وأمني وصف برفيع المستوى في نواكشوط ترجمة لعلاقة توصف في نواكشوط وواشنطن بالحميمية والحيوية.

 

محطات التعبير عن الموقف

على خلاف محطات سابقة من أزمات الساحل المتتالية؛ تم التعبير عن الموقف من انقلاب النيجر بسرعة في بيان للخارجية الموريتانية دان الانقلاب وطالب بالعودة للوضع الدستوري.

وهو موقف تم التأكيد عليه لاحقا بعدة طرق:
✔️ تم التأكيد عليه في تصريح رسمي لاحق.
✔️ وفي تصريح للناطق باسم الحكومة بعيد اجتماع للحكومة قال فيه إن موريتانيا ستدرس طلب المشاركة في عملية عسكرية لاستعادة الشرعية إن طلب منها ذلك.
✔️ وكانت مشاركة الرئيس محمد ولد الشيخ غزواني في قمة أبوجا يوم الخميس الماضي أوضح تعبير عن انخراط موريتانيا في مسار التفاعل مع الأزمة، نظرا لرمزيتها ودورها جيوستراتيجي في المنطقة؛ وتقول مصادر رسمية إنها كانت محل حفاوة من السي دآو، وتم التعاطي مع مقترحات نواكشوط بايجابية في مرحلة صياغة النتائج النهائية لأعمال القمة التي قررت:
✅ إعطاء الأولوية للمسار الدبلوماسي 
✅ تفعيل القوات الخاصة للمجموعة
✅ التدخل العسكري عند الضرورة.

 

أي أفق..؟
ما تزال الأزمة في النيجر في بداياتها وفق ما تدل المؤشرات حتى الآن، والظاهر أن تداخلات المواقف والرهانات فيها تزداد صعوبة وتعقيدا على مدار الساعة وهو ما سيزيد من أهمية الموقف الموريتاني وحساسياته ويجعل نواكشوط في قابل الأيام أمام اختبارات استراتيجية حاسمة في تحديد موقعها وتأثيرها في المستقبل:

✔️ كيف ستدير علاقاتها مع السي دآو التي تدعم أغلب دولها التدخل العسكري،وتحافظ في ذات الوقت على موقعها في قيادة مجموعة الخمس التي تميل الكفة فيها لصالح دعم الانقلاب.

✔️ وكيف ستضبط بوصلة العلاقة مع كل من فرنسا والولايات المتحدة الشريكين التقليديين الذين يشهد موقفهما من الأزمة تباينا ملحوظا.

سيكون من الصعب استباق الأجوبة على الأسئلة التي ربما تضيف لها الساعات والأيام القادمة أسئلة أخرى لكن الظاهر أنه لن يكون أمام نواكشوط سوى الاستمرار في التفاعل عن قرب بمرونة وحيوية مع أزمة يجمع المراقبون أن تأثيراتها الاستراتيجية ستكون كبيرة على مجمل الوضع الدولي أحرى الاقليمي اللصيق والشبيه.

اثنين, 14/08/2023 - 10:59