كنت أراجع مع الابن دروسه كعادتي ، فأشرح له بعض الكلمات و بعض المصطلحات مع إعانته على الفهم و الاستيعاب للمضمون بما يناسب قدراته الإدراكية؛ علما أنه في السنة السادسة من الابتدائية؛ و كان درسه بالأمس في التربية الإسلامية، و تحديدا في أنواع الزكاة : العين، الماشية ، الحرث ، و زكاة الفطر ، أو زكاة البدن . و ذكر من تلزم عنهم الزكاة ( المشمولون بوجوب النفقة ) و لما بلغ العبد قال لي ( العبد الصه شنهو )?. فحاولت أن أعطيه تعريفا للعبد ، لكني لاحظت أنه لم يستوعب ، فانتهيت، بعد شرح مستفيض و بصيغ متعددة لمعنى العبد و كيف كان، إلى القول له : ألا ترى أننا عندنا عاملة تشتغل في تحضير الطعام و تنظيف و ترتيب المنزل صباحا و مساء، فقال إيه ! فقلت له هل تظن أنها تعمل لنا كل هذا العمل مجانا? فقال لا ! فقلت هكذا، فالعبد هو شخص يشتغل في خدمة سيده دون أن يتلق أجرا محددا لقاء خدمته ، مقابل أن سيده يتحمل عنه نفقته و كسوته و سكنه و علاجه و زكاة فطره ... فسكت ولكن هذا لم يقنعه أيضا ، كما توسمت في قسمات وجهه و برودة التفاعل مع إجابتي !
فأردفت بالقول ، هذا هو ما يسمى العبودية التي أصبحت محرمة في قوانين العالم ، و قانون دولتنا !و مع كل ذلك، أعترف أنني فشلت في إعادة الحيوية له في تفاعله في هذه القضية . من هنا، تبادر لي أن أقدم سؤالا في الشرع : ألا يمكن بانتفاء وضعية اجتماعية معينة ، مثل وضعية العبودية المجرمة في دستورنا مثلا ، ترك تعليم حكمها للنشء ، و اعتبار ذلك من شأن التعليم الجامعي ، الذي يستطيع طلابه إدراك خلفية الحكم و الأسباب التارخية لمناطه ?
ثانيا، ألا ترون من المناسب أنه ينبغي إدراج مكونة " قانون تجريم العبودية " و " التمييز العنصري و الفئوي " في المنهاج التربوي الوطني، طالما أننا نعلم الأحكام المتعلقة بالعبودية و حقوق الأرقاء لأطفالنا الذين لا يعرفون هذه الوضعية و لم يعيشوا في كنفها الاجتماعي ?
إن سؤال ابننا لنا عن معنى العبد ذكرني بذات السؤال الذي طرحته ابنة الوزير السابق عليه، البكاي ولد عبد المالك ، عن معنى "الأمة" ( مؤنث العبد )، و ذكرني كذلك بما طرحه هو نفسه في تلك التدوينة : عما هي القيمة المعرفية و الفائدة القيمية في هكذا أحكام شرعية لم تعد لها موضوعات ؛ بل باتت مجرمة في دستور بلدنا .. !