الرئيس القادم قد يكون من الأغلبية
ذلك هو الإعتقاد السائد لدى الكثيرين
وترجيح هذا الإحتمال على غيره سببه أن ساكنة هذا البلد لم يقتنعوا بعد أن الممارسة الديمقراطية عندنا قد بلغت من النضج شأوا يسمح بانتخاب رئيس من "الضفة" الأخرى
من تحالف المعارضة حتى ولو كان من الحمائم لا من الصقور .
ولا أعتقد _ ولا أريد أن أكون من المتشائمين _ أن المفاجأة التي حدثت على مستوى بعض البلديات يمكن إعادة إنتاجها على مستوى الرئاسيات
فالرئاسيات المنتظرة هي بمثابة مرحلة انتقالية جديدة أو متجددة فيها ينبغي أن تضع الحرب التي دامت عشرسنين بين الموالاة والمعارضة أوزارها ويتم بناء الثقة المتبادلة بين جميع الفرقاء وتفتح وسائل الإعلام الرسمية أمام المعارضة وتقف أجهزة الدولة ومؤسساتها على مسافة واحدة من الجميع
نعم من الممكن إذا تم وضع شروط توافقية تضمن نزاهة الإنتخابات القادمة كالتي وضعت سنة 2006 أو شروطا أحسن منها أن نعيش تجربة انتخابية جادة تعيد الثقة والاهتمام بالعملية الديمقراطية من جديد وتفتح باب الأمل على مصراعيه
أما المواصفات المطلوب توفرها في الرئيس "المنتظر" فهو أن يكون رئيسا قادرا على بناء العلاقات مع جميع الفاعلين السياسيين والحقوقيين , رئيس يستطيع إدارة الشأن العام وتسيير شؤون البلد دون صخب ولا ضجيج ، رئيس مجرد رئيس ليس مفكرا ولا قائدا ولا زعيما وإن يبتعد عن رفع الشعارات وخوض المعارك ضد المخالفين وعن خطابات التمجيد التي تجعله يرى في نفسه ما ليس فيها
وحبذا لو كانت له معرفة بالاقتصاد أو قرب أهل ذلك التخصص لأن الاقتصاد هو عصب الحياة وعماد نهضة الأمم مركزا على البعد الإجتماعي للتنمية بما ينعكس بشكل إيجابي على معيشة الناس وأوضاعهم ورواتبهم وعلى محاربة البطالة وتوظيف الشباب ورفع القدرة الشرائية للمواطنين
وان يقوم بضخ دماء جديدة في اوردة وشرايين الدولة متبعا أسلوب المكافأة والعقاب معتمدا على معيار الكفاءة أولا وأخيرا مؤجلا فتح الملفات التي تثير نزاعا وخلافا وانقساما إلى حين حتى تطمئن النفوس وتهدأ الخواطر ويكتسب شرعية الإنجازات ثم يبدأ بعد ذلك برد الأسلاب والغنائم ويفتح الملفات الشائكة معتمدا منهج الصراحة ووضع النقاط على الحروف دون محاباة أو مجاملة ولكن دون حيف أو ظلم
وان يقوم بذلك في إطار وطني توافقي مبتعدا عن الإرتهان للدوائر الضيقة التي تفرق ولا توحد
وعلى رئيسنا القادم أن يبني علاقة ثقة متبادلة مع المؤسسة العسكرية فهي مؤسسة جمهورية تحمي الجميع وتدافع عن الوطن وعليه أن يبتعد عن الدخول في أزمات غير محسوبة العواقب نتيجة لمشورة من " هؤلاء " أو " أولئك"
إذا استطعنا الحصول على مثل هذا الرئيس سنعبر المرحلة القادمة بعد رئاسيات 2019 بسلام وستتعزز وحدتنا و ممارستنا الديمقراطية
عند ذلك ستفتح الممارسة السياسية أمام جميع الأطراف دون محظورات أو محاذير تارة يأتي الرئيس من هذا التحالف وتارة من ذلك الحلف المقابل لأن المشتركات الجامعة أصبحت أقوى من نقاط الخلاف التي ستصبح محصورة في مجالات معقولة ومفهومة تعود إلى طبيعة الممارسة السياسية ذاتها










