ساعات وأيام مرت على الموعد الذي كان مقررا أن يكون لحظة إعلان نتائج انتخابات رئاسية فتحول لحظة قراءة " البيان رقم واحد "، دون أن يعرف حتى الآن على وجه الدقة من انقلب على من..؟
هل انقلب الرئيس على أبرز منافسيه الذي يقول مناصروه أن الصناديق أعطته بطاقة دخول القصر الرئاسي، أم انقلب على نفسه ليعطيها فرصة خروج آمن من مشهد يتعقد يوما بعد يوم، أم انقلب الجيش على الجميع على أساس أن " اللعبة " كانت أصلا على أسس غير سليمة بفعل غياب أبرز المنافسين عنها، أم أنه تلاقي مصالح عدة أطراف منها الداخلي والخارجي جعلت البلد ذي التاريخ الممتد في الانقلابات يعود لماضيه غير الغريب على محيط تكاد الانقلابات تصبح الأصل والبقية استثناء.
في زووم الصحراء نحاول تتبع الخيوط لنرى أيها أكثر وضوحا وإلى أي وجهة تشير خطوط السير.
سياق لازم الاستحضار
تم انقلاب السادس والعشرين من نوفمبر 2025 في سياق من أبرز ملامحه:
- نظام سياسي بالغ الهشاشه؛ فقد كان الرئيس حل البرلمان منذ فترة وتفرد بالحكم.
- مقاطعة قوى معارضة مؤثرة للانتخابات، والطعن منذ البداية في مصداقية مسار تحضيرها.
- صراع بين جماعات الضغط وما يوصف بمافيا المخدرات؛ وتبييض الأموال التي يعتبر البلد من ملاذاتها " الآمنة " في المنطقة.
- إقليم مضطرب موزع بين بلدان دخلت بالماضي في دوائر الحكم العسكري، وأخرى تعرف توترات سياسية ومجتمعية متصاعدة ومتجددة تنذر بذلك.
سيناريوهات الانقلاب
بحسب المتوفر من معطيات هناك ثلاث سيناريوهات أو ثلاث إجابات عن سؤال من انقلب على من ..؟!
- يقول أولها أن الرئيس " امبالو" انقلب على منافسه " افيرناندو" حين تأكد أنه خسر انتخابات كان يظن أنه حسم الفوز بها حين منع منافسوه الجديون من المشاركة فى السباق قبل أن ينطلق.
- فيما تقول الإجابة الثانية إن الجيش انقلب على الاثنين رغبة فى الالتحاق بركب البلدان التي تسلم العسكر فيها مقاليد الحكم في أكبر موجة انقلابات تشهدها القارة منذ عقود.
- أما الإجابة الثالثة فترى أن العامل الحاسم في الانقلاب كان حلفا غير مرئي من بين " المافيا" وجهات خارجية خشيت ربما أن تخرج الأمور عن السيطرة بعد الإعلان عن نتائج انتخابات لم تكن تملك الكثير من صفات الانتخابات النزيهة.
اضطراب الوجهة
بسلاسة غير معهودة خرج الرئيس "امبالو " من البلاد ليحط في مرحلة أولى بالسنغال البلد الجار الذي يمثل برغم ما عرف ويعرف من تجاذبات سياسية من بلدان الغرب الإفريقي الناجية من الانقلابات، لكن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو عكر صفو الاستقبال حين صرح بشكل علني أن " الانقلاب مجرد خدعة ما يعني طعنا صريحا في السردية الرسمية وانحيازا لموقف المعارضة التي تتهم امبالو بالانقلاب على نتائج الانتخابات!
بعد تصريحات سونكو وجد امبالو نفسه مرغما على شد الرحال من جديد هذه المرة إلى الكونغو الديموقراطية التي لم يعرف بعد هل ستكون وجهته النهائية أم لا..؟
أيا يكن..؟
ستقود حالة الغموض التي طبعت انقلاب بيساو- فيما يظهر- لمشهد:
- لن تكون معارضة الانقلاب الخارجية فيه بذات القوة التي حصلت مع انقلابات الأعوام السابقة في بلدان السي دي آو.
- والظاهر أن الوضع داخل البلد أيضا يتجه لحالة استقرار برغم مواقف الرفض والشجب التي عبرت عنها المعارضة؛ فقد أتم الجيش السيطرة على الوضع؛ وشكل حكومة وعلق مسار إعلان النتائج وفتح الأسواق والحدود ويسعى جاهدا لإظهار أن الانتخابات التي كان من المفروض أن تكون عنوان ومصدر الاستقرار لم تعد كذلك!











