لا تذهبوا بعيدًا، فالرئيس غزواني حقّق بالتهدئة ما لم يحقّقه غيره بالتصعيد.
في العام 2020، حين تحدّث بيرام الداه في جنيف في جوّ مشحون بعد الانتخابات الرئاسية عمّا أسماه نظام “الأبارتايد” في موريتانيا، ثار كثير من اللغط وامتلأت الصفحات والشاشات والمواقع تنديدًا وتحريضًا حتى.
وطالب البعض باعتقاله في المطار، ولما وصل استقبله غزواني في القصر ورخّص لحركة “إيرا” بعد ذلك، وكلكم يتذكّر بعد ذلك تصريحاته بأنّه وجد صاحبه ووجد من يستمع إليه.
وعندما تحدّث الزعيم مسعود في العام 2021 و قال إنّ البلد سينفجر، عامله غزواني بالأسلوب نفسه، فتحوّل من ناقد شرس إلى داعم في الانتخابات الرئاسية.
نفس سياسة الهدوء هي التي حيّد بها “تواصل”، وحوّل الزعيم التاريخي للمعارضة أحمد ولد داداه إلى داعم لمرشّح السلطة لأوّل مرة في تاريخه.
والنهج ذاته اتّبعه مع جميع من خالفوه تقريبًا، فحوّلهم إلى صامتين أو داعمين.
من يقترح على غزواني غير الهدوء في التعامل مع معارضيه ليس ناصحًا له، لسببين:
الأوّل: أنّه حقّق بالتهدئة ما لم يحقّقه غيره بالتصعيد، فأسكت المعارضة التقليدية وحوّل قادتها إلى داعمين له، وانتزع لحزبه بلديات نواكشوط لأوّل مرة في تاريخ بلديات العاصمة، وفاز في جميع الاستحقاقات، ولم تشهد فترة حكمه من الاحتجاجات ثلث ما شهدتْه العهود التي سبقته، ولم تنظم المعارضة مجتمعة في عهده أيّ مهرجان ولا مسيرة مشتركة ضد سياساته، وهذا غير مسبوق أيضًا.
والثاني: أنّه يتقن التهدئة ، وليس بحاجة إلى غيرها من الأساليب التي لم يجرّبها، وقد جرّبها غيره فلم تجدِ.
وخلاص.











