عرض كتاب حرز المريد للعلامة عبد اللھ بن مختارنا الحاجي (1330 ھج)

محمد سالم ولد أعمر

من النصوص الشنقيطية التجديدية في التصوف كتاب حرز المريد الذي يروم الحفظ من كيد المريد للعلامة عبد الله بن مختارنا الحاجي، وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب بتحقيق الأستاذ المربي الفاضل الأمين بن القطب بن السالك، وتقديم العالم الشاب المدقق الدكتور أحمد سالم ولد حمدي، وقد امتازت هذه التقديمة بأنها تلخيص مكتمل للكتاب، وتعريف متميز بموضوعه وإشكالاته، بنفس علمي رفيع وأسلوب أدبي أخاذ

يأتي الكتاب في 109 صفحات، أخذ النظم وهوامشه منها 63 صفحة، وكانت البقية في التقديم والدراسة التفصيلية، والفهارس، وامتاز عمل الباحث بدخوله مدائن التصوف وسبره أغواره، نظرا لتعدد مراجع النظم وكثرة إحالاته، وكثرة المسائل التي ناقشها.
ينطلق الكتاب من فلسفة المربي الذي سبق العلم إلى قلبه وأخذ بلبه وشغله، فجعله قائدا للتصوف ودليلا عليه، وجعل التصوف تابعا له، وعلى هذا المنحى تتآلف قضايا الكتاب، والظاهر أنه أيضا يعالج تلك الظاهرة التي شكا منها العلامة محمدو بن حنبل 
"عن اشتغال شباب العصر كلهم
عن العلوم بأوراد زكيات"
حيث يأتي الناظم في مقدمته محذرا 
نصيحة مني لكل متق 
يحب أن يأمن من تزندق
وكان لم يستحوذ الورد عليه
ليقبل النصح الذي ألقي إليه

ويواصل الشيخ التأسيس لهذه القاعدة بقوة حين يقول
إذ من تصوف قبيل العلم
فقد تزندق بغير وهم
كما عزى زروق في القواعد
لمالك إمام كل زاهد

ويواصل الناظم تقريع المدمنين على الأوراد المشتغلين بها عن التعلم، فيرى أن ذلك الاشتغال من أقوى أسلحة الشيطان في سلب القلوب رشادها
وهو سلاحه لكل جاهلْ
قد عاقه عن لوحه التكاسل
يأمره بكثرة الأوراد
يريه أنها من الرشاد
كما أتي في مدخل ابن الحاج
نثرا يضيئ فيه كالسراج
وفي الفصل الثاني يدخل الشيخ ابن مختارنا إلى دائرة التصوف مبينا أركانه وأصوله بعد أن جعل الفقه طريق التصوف، والتصوف زبدة الفقه الذي لا تتأتى بغيره.
ترك حظوظ النفس مع حمل الأذى
وكفِّه، جلب السرور فعل ذا
مع الرضى والصبر والتسليم
مع التوكل على الرحيم
بنى عليه الصوفة الطريقا 
لربهم فوصلوا تحقيقا
ولا يرتبط التصوف عند الشيخ ابن مختارنا بالتتلمذ والأخذ على شيخ بل الأصل جهاد النفس بأوامر الشريعة ونواهيها، 
جهادك النفس على لسان
شرع وهو سنة العداني
يغني عن الشيخ، وجاهل بذا
فليتخذ شيخا يريه المأخذ
ومن يكن حفظ ما وصى الإله
به عباده كفاه عن سواه
وهو تقوى وعبادة الإله
من غير أن يشرك به سواه
ويورد الشيخ في نظمه جواب الشيخ عبد السلام بن مشيش لمن سأله أن يهبه وردا يدوم عليه فقال له: إني لستُ مرسلاا مبلغا، ولكن من قد عمل بمقتضى الشرع وزهد في الدنيا أوصله ذلك لمعرفة الله"
ويورد المحقق في هامشه نقلا عن عدة المريد أن ابن مشيش جاءه رجل وقال له: أستأذنك في مجاهدة نفسي، فتلا الشيخ قوله تعالى " لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين، إنما يستأذنك الذين لا يومنون بالله واليوم الآخر، وارتابت قلوبهم فهو في ريبهم يترددون"

طريق التربية
يشترط ابن مختارنا في نظمه على المربي أن يتعرف على حال مريده ومبلغه من العلم،  حيث يرقى المريد بالكمالات وينقله من حالة تصفية وتربية إلى أخرى ، حتى يصل به الكمال اللائق به، وأما إذا كان طالب التربية جاهلا، فإن أول خطواته هو التعلم، بنفسه أو يكله إلى من يعلمه
فإن تعليم العباد أفضل
عبادة الأشياخ فيما نقلوا
وبعد يرقه للدرجات
اللت توصل إليها الخلوات
والورد فالورد عظيم النفع 
لمن يكون تابعا للشرع

صفات الشيخ المربي
يصرف الإجابة إلى أن من الواجب البحث عن الشيخ الذي يعلم الشريعة، ويبين أحكامها، وينسب 
إلى الإمام مالك رفضه التمييز بين علمي الظاهر والباطن
فمالك إمامنا قد سأله
عن علم باطن فتى فقال له
احذر بينات الطريق والزم
تعلم العلم فباطن لمِ
ينله غير من لعلم الظاهرْ
قرأ حتى صار فيه ماهرْ

يتواصل

أحد, 10/08/2025 - 11:59