قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، إن حركة حماس لا ترغب في التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن الرئيس الأمريكي قوله: "كان الأمر سيئاً للغاية، فحماس لم تكن فعلاً ترغب في إبرام اتفاق. أعتقد أنهم يريدون الموت".
وأضاف ترامب : "لقد وصلنا الآن إلى المرحلة الأخيرة من الرهائن، وهم يعرفون ما سيحدث بعد استعادة الرهائن المتبقين. وبسبب هذا تحديداً، لم يرغبوا في التوصل إلى اتفاق".
تأتي هذه التصريحات من البيت الأبيض بعد يوم واحد من إعلان المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن إدارة ترامب قررت إعادة فريقها التفاوضي لإجراء مشاورات عقب رد حماس الأخير.
في ذات السياق أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده تدرس حالياً، بالتعاون مع الحلفاء الأميركيين، خيارات بديلة لإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس.
وأضاف أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف "على حق"، إذ أن "حماس هي العقبة الأساسية أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن" على حد قوله.
وأوضح نتنياهو أن الجهود الجارية لا تقتصر فقط على إعادة الرهائن، بل تهدف أيضاً إلى إنهاء حكم حماس في غزة وتحقيق سلام دائم لإسرائيل والمنطقة.
وفي قطر، كان الوسطاء يتنقلون بين وفدي إسرائيل وحماس لأكثر من أسبوعين في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بعد قرابة عامين من القتال.
من جهتها، اتهمت حركة حماس الوسطاء الأمريكيين بالتراجع عن مواقفهم المتعلقة بمفاوضات غزة، وذلك وفقاً لما نقلته وكالة فرانس برس.
واتهم مسؤول في حركة حماس، الجمعة، المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بتشويه الحقائق بعد إعلانه انسحاب واشنطن من المحادثات، واتهامه الحركة بعرقلة الاتفاق.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس، باسم نعيم، في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "تصريحات المبعوث الأمريكي ويتكوف السلبية تتناقض تماماً مع سياق المفاوضات الأخيرة، وهو يدرك ذلك، لكنها تأتي لخدمة الموقف الإسرائيلي".
وأعلنت حركة حماس فجر الخميس، أنها سلمت ردها و"رد الفصائل الفلسطينية الأخرى" على مقترح وقف إطلاق النار في القطاع، فيما قال مسؤولان فلسطينيان لوكالة فرانس برس، وقال مصدران فلسطينيان مطّلعان على سير المفاوضات إنّ رد الحركة تضمن تعديلات تشمل ضمانات لوقف إطلاق نار دائم مع إسرائيل.
وأوضح أحد المسؤولين أن ردّ حماس "عالج بشكل رئيسي ملف دخول المساعدات إلى قطاع غزة وخرائط الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة وضمانات الوصول إلى وقف الحرب بشكل دائم"، فيما اعتبر المسؤول الآخر أن الردّ كا "إيجابياً"، وطالب بـ"تعديلات على خرائط الانسحاب الإسرائيلي".
ولفت إلى أنّ الحركة طالبت بأن "تنسحب القوات الإسرائيلية من التجمعات السكنية وطريق صلاح الدين (الواصل بين شمال القطاع وجنوبه)، مع بقاء قوات عسكرية كحد أقصى بعمق 800 متر في كافة المناطق الحدودية الشرقية والشمالية الحدودية للقطاع".
كما طالبت حماس "بزيادة عدد المفرج عنهم من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين من ذوي المحكوميات المؤبدة والعالية مقابل كل جندي إسرائيلي حي"، وفق المسؤول نفسه.
غير أن المبعوث الأمريكي ويتكوف قال في وقت لاحق الخميس: "قرّرنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الردّ الأخير من حماس والذي يظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة"، ومشيراً إلى أن واشنطن ستدرس الآن "خيارات أخرى لإعادة الرهائن إلى ديارهم ومحاولة إيجاد بيئة أكثر استقرارا لسكان غزة".
وأوضح المسؤول الأمريكي: "في حين بذل الوسطاء جهوداً كبيرة، لا تبدي حماس مرونة أو تعمل بحسن نية".
استمرار جهود الوساطة
وأكدت كل من قطر ومصر استمرار جهودهما المكثفة في ملف الوساطة بقطاع غزة.
وجاء في بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية القطرية أن البلدين "يواصلان مساعيهما الحثيثة للتوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب، ويضع حداً للمعاناة الإنسانية في القطاع، ويكفل حماية المدنيين، إضافة إلى تحقيق تقدم في ملف تبادل المحتجزين والأسرى".
وتشير الدولتان بحسب البيان إلى إحراز بعض التقدم في جولة المفاوضات المكثفة الأخيرة التي استمرت لمدة ثلاثة أسابيع، وتؤكدان أن تعليق المفاوضات لعقد المشاورات قبل استئناف الحوار مرة أخرى يعد أمراً طبيعياً في سياق هذه المفاوضات المعقدة.
وتدعو الدولتان إلى عدم الانسياق وراء تسريبات تتداولها بعض وسائل الإعلام في محاولات للتقليل من هذه الجهود والتأثير على مسار العمل التفاوضي، وتشددان على أن هذه التسريبات لا تعكس الواقع وتصدر عن جهات غير مطلعة على سير المفاوضات.
وجاء في البيان أن الدولتين دعتا وسائل الإعلام الدولية إلى التحلي بالمسؤولية المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي، من خلال التركيز على ما يشهده قطاع غزة من معاناة إنسانية غير مسبوقة، بدلاً من الإسهام في تقويض الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب.
كما أكدت قطر ومصر، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، التزامها المشترك بمواصلة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في القطاع، وفق ما جاء في البيان.
نقاط الخلاف
وكان مصدر فلسطيني قد صرح لوكالة فرانس برس، بأنّ حماس رفضت خرائط الانسحاب التي اقترحتها إسرائيل، التي من شأنها أن تجعل حوالي 40 في المئة من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، بما في ذلك كامل منطقة رفح الجنوبية، وأراض أخرى في شمال وشرق غزة.
وأشار المصدر إلى إن المقترح سيجبر مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين على التمركز في منطقة صغيرة قرب مدينة رفح، على الحدود مع مصر، مضيفاً أنّ "وفد حماس لن يقبل بالخرائط الإسرائيلية باعتبار أنها تُشرّع إعادة احتلال ما يقرب من نصف قطاع غزة، وتُحوّل غزة إلى مناطق معزولة بلا معابر أو حرية حركة".
كما أضاف المصدر الفلسطيني لوكالة فرانس برس في تصريح سابق، أنّ قضايا المساعدات وضمانات إنهاء الحرب تُشكّل أيضاً تحدياً في المفاوضات، مشيراً إلى أن الأزمة يمكن حلها بمزيد من التدخل الأمريكي.
إذ تصرّ حركة حماس على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها عبر وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بينما تدفع إسرائيل نحو توزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
ودعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو، إيتامار بن غفير، إلى إعادة فرض حصار كامل على المساعدات، واحتلال غزة بالكامل، و"تشجيع" سكانها على المغادرة، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية هناك.
"كارثة إنسانية"
ودعت باريس ولندن وبرلين في بيان مشترك الجمعة، إلى "إنهاء الكارثة الإنسانية التي نشهدها في غزة فوراً" فيما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن حوالى ثلث سكان قطاع غزة لا يأكلون لأيام.
ورداً على التحذير الذي أصدرته الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من خطر مجاعة وشيكة وواسعة النطاق بعد أكثر من 21 شهراً من الحرب، دعت العواصم الأوروبية الثلاث الحكومة الإسرائيلية إلى "رفع القيود المفروضة على تسليم المساعدات فوراً".
وذكّرت الدول الأوروبية إسرائيل بأن عليها "احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".
وضم وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني صوته إلى الانتقادات قائلاً "لم يعد بإمكاننا القبول بالمجازر والمجاعة" في قطاع غزة.
ويتصاعد القلق خصوصا إزاء تزايد أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن ربع الأطفال الصغار والأمهات الحوامل أو المرضعات الذين فحصتهم في عياداتها الأسبوع الماضي كانوا يعانون من سوء التغذية.
نقلا عن بي بي سي عربي