كان أبو نواس رفيقنا في الطريق من تمبدغة إلى لعيون، ولو قلنا إننا سكرنا بتائيتھ التي لا يصعب تصنيفھا " تائية سلوك" لأصحاب الحوانيت، ولم يكن يقطع ھذا النقاش حول ابي نواس سوى ومضات من علم المقاصد يبرزھا في محلھا المفتش الدكتور ابن عوف بن محمد سيدينا بن يعقوبي وھو رجل متخصص في ھذا المجال الذي يكثر فيھ غير المتخصصين الحديث؛ ولم يكن حديثنا عن ابي نواس " طائرا" لابن عوف لكنھ كان يختار عنھ " الزريق" على حد تعبير ذلك الرجل الذي سألھ جماعة من اھل الساحل ھل شرب مرة ماء معصورا من فرث ناقة فرد" ذاك نختير عنو ازريق"
كان نجم رحلتنا محمد فال مولعا بابي نواس مقتدرا على الاختيار في شعرھ فانشد بنبرتھ الإلقائية المميزة
كان أبو نواس" دھريا " من نوع خاص.. رساما ماھرا أصغى ليت الدھر إلى ھؤلاء الشرب المصاليت لما أدار لھم كؤوس بنت الكرم وسعود الزمان في آن واحد، وعندما أسنى للكافرة المتخشعة الجائزة، ليجعل حياتھا مرتبطة بريح الندامى فإذا ما افاقوا من غبوقھم حق لھا أن تموت بعد ان فقدت الكف السحاء التي كان يجود بھا السكارى
وحال السكارى مع الكرم والإنفاق غريب، فقد حلت عرى بخلھم ورفعتھم بنت الدنان إلى المرقبة العالية من " المخيلة والسكر" حتى ترى اللحز الشحيح إذا امرت عليھ لمالھ فيھ مھينا، وكان قبل ذلك من جماعة الرفق بالدرھم
ومما يعرض للأمر ان أحد الإعلاميين عمل مرة مع مدير لا يفيق من سكرة إلا بأخرى فكان كلما راى مديرھ مترنحا أسرع إليھ بطلب مكرمة مالية فيوقع المدير وثيقة صرف؛ ويسرع بھ الإعلامي إلى المحاسب ثم يسحبھا ويعيد الكرة مع سكرة المدير القادمة.
وإذا كان قد طال عليكم ھذا التقديم فإليكم تائية ابي نواس
وَفِتيَةٍ كَمَصابيحِ الدُجى غُرَرٍ
شُمِّ الأُنوفِ مِنَ الصيدِ المَصاليتِ
صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلوا
فَلَيسَ حَبلُهُمُ مِنهُ بِمَبتوتِ
دارَ الزَمانُ بِأَفلاكِ السُعودِ لَهُم
وَعاجَ يَحنو عَلَيهِم عاطِفَ الليتِن
ادَمتُهُم قَرقَفَ الإِسفَنطِ صافِيَةً
مَشمولَةً سُبِيَت مِن خَمرِ تِكريتِ
مِنَ اللَواتي خَطَبناها عَلى عَجَلٍ
لَمّا عَجَجنا بِرَبّاتِ الحَوانيتِ
في فَيلَقٍ لِلدُجى كَاليَمِّ مُلتَطِمٍ
طامٍ يَحارُ بِهِ مِن هَولِهِ النوتي
إِذا بِكافِرَةٍ شَمطاءَ قَد بَرَزَت
في زَيِّ مُختَشِعٍ لِلَّهِ زِمّيتِ
قالَت مَنِ القَومُ قُلنا مَن عَرَفتِهُمُ
مِن كُلِّ سَمحٍ بِفَرطِ الجودِ مَنعوتِ
حَلّوا بِدارِكِ مُجتازينَ فَاِغتَنِمي
بَذلَ الكِرامِ وَقولي كَيفَما شيتِ
فَقَد ظَفِرتِ بِصَفوِ العَيشِ غانِمَةً
كَغُنمِ داوُدَ مِن أَسلابِ جالوتِ
فَاِحيَي بِريحِهِم في ظِلِّ مَكرُمَةٍ
حَتّى إِذا اِرتَحَلوا عَن دارِكُم موتي
قالَت فَعِندي الَّذي تَبغونَ فَاِنتَظِروا
عِندَ الصَباحِ فَقُلنا بَل بِها إيتي
هِيَ الصَباحُ تُحيلُ اللَيلَ صِفوَتُها
إِذا رَمَت بِشِرارٍ كَاليَواقيتِ
رَميَ المَلائِكَةِ الرُصّادِ إِذ رَجَمَت
في اللَيلِ بِالنَجمِ مُرّادَ العَفاريتِ
فَأَقبَلَت كَضِياءِ الشَمسِ نازِعَةً
في الكَأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ
قُلنا لَها كَم لَها في الدَنِّ مُذ حُجِبَت
قالَت قَدِ اِتُّخِذَت مِن عَهدِ طالوتِ
كانَت مُخَبَّأَةً في الدَنِّ قَد عَنَسَت
في الأَرضِ مَدفونَةً في بَطنِ تابوتِ
فَقَد أُتيتُم بِها مِن كُنهِ مَعدِنِها
فَحاذِروا أَخذَها في الكَأسِ بِالقوتِ
تُهدي إِلى الشَربِ طيباً عِندَ نَكهَتِه
اكَنَفحِ مِسكٍ فَتيقِ الفارِ مَفتوتِ
كَأَنَّها بِزُلالِ المُزنِ إِذ مُزِجَت
شِباكُ دُرٍّ عَلى ديباجِ ياقوتِ
بديرُها قَمَرٌ في طَرفِهِ حَوَرٌ
كَأَنَّما اِشتُقَّ مِنهُ سِحرُ هاروتِ
وَعِندَنا ضارِبٌ يَشدو فَيُطرِبُنا
يا دارَ هِندٍ بِذاتِ الجِزعِ حُيِّيتِ
إِلَيهِ أَلحاظُنا تُثنى أَعِنَّتُها
فَلَو تَرانا إِلَيهِ كَالمَباهيتِ
مِن أَهلِ هيتٍ سَخِيِّ الجَرمِ ذي أَدَبٍ
لَهُ أَقولُ مِزاحاً هاتِ يا هيتي
فَيَنبَري بِفَصيحِ اللَحنِ عَن نَغَمٍ
مُثَقَّفاتٍ فَصيحاتٍ بِتَثبيتِ
حَتّى إِذا فَلَكُ الأَوتارِ دارَ بِنا
مَعَ الطُبولِ ظَلَلنا كَالسَبابيتِ
فُزنا بِها في حَديقاتٍ مُلَفَّفَةٍ
بِالزَندِ وَالطَلحِ وَالرُمّانِ وَالتوتِ
تُلهيكَ أَطيارُها عَن كُلِّ مُلهِيَةٍ
إِذا تَرَنَّمَ في تَرجيعِ تَصويتِ
لَم يَنثَني اللَهوُ عَن غِشيانِ مَورِدِها
وَلَم أَكُن عَن دَواعيها بِصَمّيتِ
حَتّى إِذا الشَيبُ فاجاني بِطَلعَتِهِ
أَقبِح بِطَلعَةِ شَيبٍ غَيرِ مَبخوتِ
عِندَ الغَواني إِذا أَبصَرنَ طَلعَتَهُ
آذَنَ بِالصَرمِ مِن وِدٍّ وَتَشتيتِ
فَقَد نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِن خَطَلٍ
وَمِن إِضاعَةِ مَكتوبِ المَواقيتِ
أَدعوكَ سُبحانَكَ اللَهُمَّ فَاِعفُ كَما
عَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ
وإذا كان قد طال عليكم ھذا التقديم فإليكم تائية ابي نواس
وَفِتيَةٍ كَمَصابيحِ الدُجى غُرَرٍ
شُمِّ الأُنوفِ مِنَ الصيدِ المَصاليتِ
صالوا عَلى الدَهرِ بِاللَهوِ الَّذي وَصَلوا
فَلَيسَ حَبلُهُمُ مِنهُ بِمَبتوتِ
دارَ الزَمانُ بِأَفلاكِ السُعودِ لَهُم
وَعاجَ يَحنو عَلَيهِم عاطِفَ الليتِن
ادَمتُهُم قَرقَفَ الإِسفَنطِ صافِيَةً
مَشمولَةً سُبِيَت مِن خَمرِ تِكريتِ
مِنَ اللَواتي خَطَبناها عَلى عَجَلٍ
لَمّا عَجَجنا بِرَبّاتِ الحَوانيتِ
في فَيلَقٍ لِلدُجى كَاليَمِّ مُلتَطِمٍ
طامٍ يَحارُ بِهِ مِن هَولِهِ النوتي
إِذا بِكافِرَةٍ شَمطاءَ قَد بَرَزَت
في زَيِّ مُختَشِعٍ لِلَّهِ زِمّيتِ
قالَت مَنِ القَومُ قُلنا مَن عَرَفتِهُمُ
مِن كُلِّ سَمحٍ بِفَرطِ الجودِ مَنعوتِ
حَلّوا بِدارِكِ مُجتازينَ فَاِغتَنِمي
بَذلَ الكِرامِ وَقولي كَيفَما شيتِ
فَقَد ظَفِرتِ بِصَفوِ العَيشِ غانِمَةً
كَغُنمِ داوُدَ مِن أَسلابِ جالوتِ
فَاِحيَي بِريحِهِم في ظِلِّ مَكرُمَةٍ
حَتّى إِذا اِرتَحَلوا عَن دارِكُم موتي
قالَت فَعِندي الَّذي تَبغونَ فَاِنتَظِروا
عِندَ الصَباحِ فَقُلنا بَل بِها إيتي
هِيَ الصَباحُ تُحيلُ اللَيلَ صِفوَتُها
إِذا رَمَت بِشِرارٍ كَاليَواقيتِ
رَميَ المَلائِكَةِ الرُصّادِ إِذ رَجَمَت
في اللَيلِ بِالنَجمِ مُرّادَ العَفاريتِ
فَأَقبَلَت كَضِياءِ الشَمسِ نازِعَةً
في الكَأسِ مِن بَينِ دامي الخَصرِ مَنكوتِ
قُلنا لَها كَم لَها في الدَنِّ مُذ حُجِبَت
قالَت قَدِ اِتُّخِذَت مِن عَهدِ طالوتِ
كانَت مُخَبَّأَةً في الدَنِّ قَد عَنَسَت
في الأَرضِ مَدفونَةً في بَطنِ تابوتِ
فَقَد أُتيتُم بِها مِن كُنهِ مَعدِنِها
فَحاذِروا أَخذَها في الكَأسِ بِالقوتِ
تُهدي إِلى الشَربِ طيباً عِندَ نَكهَتِه
اكَنَفحِ مِسكٍ فَتيقِ الفارِ مَفتوتِ
كَأَنَّها بِزُلالِ المُزنِ إِذ مُزِجَت
شِباكُ دُرٍّ عَلى ديباجِ ياقوتِ
بديرُها قَمَرٌ في طَرفِهِ حَوَرٌ
كَأَنَّما اِشتُقَّ مِنهُ سِحرُ هاروتِ
وَعِندَنا ضارِبٌ يَشدو فَيُطرِبُنا
يا دارَ هِندٍ بِذاتِ الجِزعِ حُيِّيتِ
إِلَيهِ أَلحاظُنا تُثنى أَعِنَّتُها
فَلَو تَرانا إِلَيهِ كَالمَباهيتِ
مِن أَهلِ هيتٍ سَخِيِّ الجَرمِ ذي أَدَبٍ
لَهُ أَقولُ مِزاحاً هاتِ يا هيتي
فَيَنبَري بِفَصيحِ اللَحنِ عَن نَغَمٍ
مُثَقَّفاتٍ فَصيحاتٍ بِتَثبيتِ
حَتّى إِذا فَلَكُ الأَوتارِ دارَ بِنا
مَعَ الطُبولِ ظَلَلنا كَالسَبابيتِ
فُزنا بِها في حَديقاتٍ مُلَفَّفَةٍ
بِالزَندِ وَالطَلحِ وَالرُمّانِ وَالتوتِ
تُلهيكَ أَطيارُها عَن كُلِّ مُلهِيَةٍ
إِذا تَرَنَّمَ في تَرجيعِ تَصويتِ
لَم يَنثَني اللَهوُ عَن غِشيانِ مَورِدِها
وَلَم أَكُن عَن دَواعيها بِصَمّيتِ
حَتّى إِذا الشَيبُ فاجاني بِطَلعَتِهِ
أَقبِح بِطَلعَةِ شَيبٍ غَيرِ مَبخوتِ
عِندَ الغَواني إِذا أَبصَرنَ طَلعَتَهُ
آذَنَ بِالصَرمِ مِن وِدٍّ وَتَشتيتِ
فَقَد نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِن خَطَلٍ
وَمِن إِضاعَةِ مَكتوبِ المَواقيتِ
أَدعوكَ سُبحانَكَ اللَهُمَّ فَاِعفُ كَم
اعَفَوتَ يا ذا العُلى عَن صاحِبِ الحوتِ