ليس ضعف التعليم في موريتانيا جديدا ، ولا داهية *مباغتة* لنجد منها مادة نتناولها بخصوصها في هذا المقال .
كما أننا لسنا أول من حذر من اختلال الرقابة عليه عموما وعلى المدارس ذات الطابع الأجنبي مرخصة كانت أو مغتصبة للصفة .
فما الخطر في هذه المدارس على خصوصيات المجتمع ؟
وما أثر ذلك على الدولة و المجتمع ؟
العملية التعليمية _ كما هو معلوم _ صياغة بيداغوجية للعقول البشرية _ في بلد ما _ وتوجيه لنمط التفكير والسلوك البشري والديني للفرد فالفئة فالمجتمع .
وسنتحدث عن هذا الموضوع في نقاطتين :
_ إشكالية فرض اللغة .
_ عولمة القيم
أولا فرض اللغة :
لا يتصور تعليم في أي مكان بدون لغة .
ولأن اللغة _ من حيث هي _ عبارة عن ( وعاء حامل للمعارف عقلا وعاطفة ودينا)
فقد حرصت الدول الكبرى على فرض لغتها على الدول الضعيفة ، خاصة فرنسا في إفريقيا عموما . وموريتانيا خصوصا ، فأحيانا فرضتها بالقوة المعلنة زمن الاحتلال ، وبشكل آخر فيما بعد ذلك .
مما نتج عنه طبقة متعلمة باللسان الفرنسي وبعض قيمه ، فقد شعرت بالخطر والانكشاف بعد الاستقلال و واجهت مواجهة عظيمة تعريب أجهزة الدولة _ بما في ذلك التعليم _ حتى أصبح لدى هذه " النخبة " فوبيا العربية والقيم الإسلامية .
بالإضافة إلى النظرة الاستعلائية الحادة تجاه المواطنين الملتزمين الذين لم يتعلموا الفرنسية ولم يخوضوا غمار " الحضارة "
ووجهت لهذا الفارق والهوة بين الفئتين شتى الأدوات من مال ، وإعلام ، وسلطة ، قوانين ، تصب في صالح "إصلاحات تعليمية " قضت في بعض الأحيان على مادة التربية الإسلامية على مستوى الثانوية العامة .
وجعلت الفرنسية
( حاملة ) لجميع المواد
" العلمية " وضرورية في المواد الإنسانية , زيادة على تدريسها لغة مستقلة ذات وقت طويل وضوارب قوية .
وهكذا نتج عن ذلك الاحترام والهيبة في القلوب , على حساب الثقافة واللغة الوطنية الرسمية بنص الدستور .
ومادة التربية الإسلامية المنصوص على أنها دين المجتمع والدولة فيه .
النقطة الثانية :
عولمة القيم : كما ذكرنا أن اللغة وعاء حامل لمضامين التعليم فإن اللغة لا تعيش في غير محيطها
ولأن الدول الضعيفة _ ونحن نقر بالواقع _ مجبرة على كل ما تمليه تلك الدول الكبرى ،فقد مارس الغرب جميع الضغوط والدعاية وفرض قيمه كما هي تجليات " العولمة " اليوم التي تقوم فلسفتها على توحيد نمط معيشة العالم بنموذج واحد يتم تصديره للغير .
ولهذا اعتمدت الدولة ترخيص المنظمات والمدارس الأجنبية ، برغم مرارة ما تبثه من إلحاد وانحرافات يهدد القيم والأخلاق في المجتمع ، وبدل أن تعتمد تلك المدارس المنهج التربوي الموريتاني ، صارت القوة الحية في المجتمع تدرس أبناءها تلك المناهج .
مما نتج عنه الإلحاد والخمور والمخدرات ، وأخيرا بات بعض المدارس الءجنبية يروج للمثلية في بلد مسلم محافظ كموريتانيا .
ونحن مهما كتبنا فإنه مجرد تذكير بالمشكلة ، وأما إثبات التأثير السلبي لهذه المدارس فنحن في غنى عنه لمثوله للعيان .
وليس أقلها ضررا ما يزرع هذه المآسي :
١_ حب الفرنسية والمحافظة على الاحتلال الفكري للبلد
٢_ الالحاد المنتشر بين أبناء تلك الطبقة
٣_ الانحلال الأخلاقي وانتشار المثلية والخمور والمخدرات والملاهي والألعاب المفسدة للطباع .
٤_ الفشل التعليمي الناتج عن الوعاء اللغوي؛ لأن اللغة لا تخرج عن محيطها ، فكرا ، ودينا، وتراثا ، وأبطالا .
وكل هذه المرتكزات في الفرنسية مثلا مباينة للعربية خصوصا في موريتانيا .
٥_ عداء الدين لأن خريجي هذه المدارس جهلة به ، و( من جهل شيئا عاداه )
ولأنه مناقض للعلمانية والمراكز تعلم العلمانية .
٦_ عداء المجتمع ، لأن خريجي هذه المدارس غرباء فيه نتيجة لتكبرهم على البسطاء ولحاجز المفاهيم ومنطق البيئة غير المشتركة .
٧_ نهب ثروات البلد وإعطاؤها بالمجان للغرب، بوصفهم "الأحق بالرقي والازدهار " لولائهم الفكري والروحي لهم.
اخيرا نقول التعليم له ثلاث مرتكزات :
1- المدرس : وهو في المدارس الأجنبية غير معني بمصلحة موريتانيا وشعبها .
2_ المنهج المدرس : وهذا بالضرورة ليس موريتانيا .
3_ التلميذ : وقد زرعنا فيه ٢ من ٣ مدرس أجنبي ومنهج أجنبي النتيجة أنه حتما سيكون أجنبيا , مضمونا وإن بقي موريتانيا شكلا
ولن نستطيع سلامة المستقبل لهذا المجتمع إلا بتجفيف منابع العلمانية .
عبر تصرف قانونية من الجهات المعنية.