التعليم الأجنبي كيف يصوغنا الآخر ونريد أن نكون نحن !؟

محمد المصطفى محمد محمود آكا .

ليس ضعف التعليم في موريتانيا جديدا ، ولا داهية *مباغتة* لنجد منها مادة نتناولها بخصوصها في هذا المقال .

كما أننا لسنا أول من حذر من اختلال الرقابة عليه عموما وعلى المدارس ذات الطابع الأجنبي مرخصة كانت أو مغتصبة للصفة .

فما الخطر في هذه المدارس على خصوصيات المجتمع ؟

وما أثر ذلك على الدولة و المجتمع ؟ 

العملية التعليمية _ كما هو معلوم _ صياغة بيداغوجية للعقول البشرية _ في بلد ما _ وتوجيه لنمط التفكير والسلوك البشري والديني للفرد فالفئة فالمجتمع .

وسنتحدث عن هذا الموضوع في نقاطتين :

_ إشكالية فرض اللغة .

_ عولمة القيم 

أولا فرض اللغة : 

لا يتصور تعليم في أي مكان بدون لغة .

 ولأن اللغة _ من حيث هي _ عبارة عن ( وعاء حامل للمعارف عقلا وعاطفة ودينا)

فقد حرصت الدول الكبرى على فرض لغتها على الدول الضعيفة ، خاصة فرنسا في إفريقيا عموما . وموريتانيا خصوصا ، فأحيانا فرضتها بالقوة المعلنة زمن الاحتلال ، وبشكل آخر فيما بعد ذلك .

مما نتج عنه طبقة متعلمة باللسان الفرنسي وبعض قيمه ، فقد شعرت بالخطر والانكشاف بعد الاستقلال و واجهت مواجهة عظيمة تعريب أجهزة الدولة _ بما في ذلك التعليم _ حتى أصبح لدى هذه " النخبة " فوبيا العربية والقيم الإسلامية .

بالإضافة إلى النظرة الاستعلائية الحادة تجاه المواطنين الملتزمين الذين لم يتعلموا الفرنسية ولم يخوضوا غمار " الحضارة " 

ووجهت لهذا الفارق والهوة بين الفئتين شتى الأدوات من مال ، وإعلام ، وسلطة ، قوانين ، تصب في صالح "إصلاحات تعليمية " قضت في بعض الأحيان على مادة التربية الإسلامية على مستوى الثانوية العامة .

وجعلت الفرنسية

 ( حاملة ) لجميع المواد

" العلمية " وضرورية في المواد الإنسانية , زيادة على تدريسها لغة مستقلة ذات وقت طويل وضوارب قوية .

وهكذا نتج عن ذلك الاحترام والهيبة في القلوب , على حساب الثقافة واللغة الوطنية الرسمية بنص الدستور .

ومادة التربية الإسلامية المنصوص على أنها دين المجتمع والدولة فيه .

النقطة الثانية :

عولمة القيم : كما ذكرنا أن اللغة وعاء حامل لمضامين التعليم فإن اللغة لا تعيش في غير محيطها 

ولأن الدول الضعيفة _ ونحن نقر بالواقع _ مجبرة على كل ما تمليه تلك الدول الكبرى ،فقد مارس الغرب جميع الضغوط والدعاية وفرض قيمه كما هي تجليات " العولمة " اليوم التي تقوم فلسفتها على توحيد نمط معيشة العالم بنموذج واحد يتم تصديره للغير .

ولهذا اعتمدت الدولة ترخيص المنظمات والمدارس الأجنبية ، برغم مرارة ما تبثه من إلحاد وانحرافات يهدد القيم والأخلاق في المجتمع ، وبدل أن تعتمد تلك المدارس المنهج التربوي الموريتاني ، صارت القوة الحية في المجتمع تدرس أبناءها تلك المناهج .

مما نتج عنه الإلحاد والخمور والمخدرات ، وأخيرا بات بعض المدارس الءجنبية يروج للمثلية في بلد مسلم محافظ كموريتانيا .

ونحن مهما كتبنا فإنه مجرد تذكير بالمشكلة ، وأما إثبات التأثير السلبي لهذه المدارس فنحن في غنى عنه لمثوله للعيان .

وليس أقلها ضررا ما يزرع هذه المآسي : 

١_ حب الفرنسية والمحافظة على الاحتلال الفكري للبلد

٢_ الالحاد المنتشر بين أبناء تلك الطبقة 

٣_ الانحلال الأخلاقي وانتشار المثلية والخمور والمخدرات والملاهي والألعاب المفسدة للطباع .

٤_ الفشل التعليمي الناتج عن الوعاء اللغوي؛ لأن اللغة لا تخرج عن محيطها ، فكرا ، ودينا، وتراثا ، وأبطالا .

وكل هذه المرتكزات في الفرنسية مثلا مباينة للعربية خصوصا في موريتانيا .

٥_ عداء الدين لأن خريجي هذه المدارس جهلة به ، و( من جهل شيئا عاداه )

ولأنه مناقض للعلمانية والمراكز تعلم العلمانية .

٦_ عداء المجتمع ، لأن خريجي هذه المدارس غرباء فيه نتيجة لتكبرهم على البسطاء ولحاجز المفاهيم ومنطق البيئة غير المشتركة .

٧_ نهب ثروات البلد وإعطاؤها بالمجان للغرب، بوصفهم "الأحق بالرقي والازدهار " لولائهم الفكري والروحي لهم.

اخيرا نقول التعليم له ثلاث مرتكزات :

1- المدرس : وهو في المدارس الأجنبية غير معني بمصلحة موريتانيا وشعبها .

2_ المنهج المدرس : وهذا بالضرورة ليس موريتانيا .

3_ التلميذ : وقد زرعنا فيه ٢ من ٣ مدرس أجنبي ومنهج أجنبي النتيجة أنه حتما سيكون أجنبيا , مضمونا وإن بقي موريتانيا شكلا 

ولن نستطيع سلامة المستقبل لهذا المجتمع إلا بتجفيف منابع العلمانية .

عبر تصرف قانونية من الجهات المعنية.

 

اثنين, 26/06/2023 - 23:12