زيادة سعر الكهرباء حقيقية، و ليست حذلقة فيسبوكية ، كما قد يعتقد بعض الناس. قبل قليل، مررت بأحد مراكز الشركة لتسديد الفاتورة ، و سألت الوكيل على الحاسوب عن صحة هذا الخبر، فأكد أن السعر الاجتماعي(30,074) أوقية أصبح شيئا من الماضي، و لم تعد الشركة تتعامل مع المواطنين إلا بالسعر التجاري ، أي ضعف السعر الاجتماعي ، ما يناهز ( 60) أوقية ! . فالذي كان يسدد في الظروف العادية ثمانية آلاف أوقية، سيسدد في ظروف عادية ستة عشر ألف أوقية !
و لكن، لما ذا يزيد النظام سعر الكهرباء على شعب، غالبيته فقراء و معوزين?. بعد تفكير أحادي في هذا الموضوع ، و جدت أن الأسباب لا تخرج عن :
- أن الرئيس مقتنع أن الشعب الموريتاني يعيش فعلا رفاهية اقتصادية و سعة مريحة في الرزق، مما يمكنه من دفع السعر التجاري لهذه المادة الحيوية ، و هو ما تؤكد عليه زمر الكذب و النفاق السياسي الملتفة حوله؛
- أن الرئيس علم بحب الشعب له و لحزبه و لقراراته ، فصوت له على بياض ، فأراد أن يجازيه على طريقة " جزاء السنمار " !
- أن الرئيس علم برفض الشعب له و لحزبه و لأنصاره و خياراته، فأراد أن يمعن في تعذيبه و تبئيسه و إذلاله، قبل أن يفترق معه !
- أن مستاشري الرئيس ربما نصحوه بأن الشعب الموريتاني لا يخلص التبعية إلا من جوعه و أذله؛ و بالتالي يجب فرض السعر التجاري للكهرباء حتى ترتفع عليه الأسعار في كل شيء له علاقة بهذه السلعة، ذات الحيوية القصوى بالنسبة للشعوب المتقرية ، و حتى يحيط به الظلام من جميع الآفاق !
غير أن ثمة مفارقة لم أجد لها تفسيرا، و هي كيف نبرر ارتفاع سعر الكهرباء ، على هذا النحو السادي، في بلد يصدر فائضا من الكهرباء إلى الشعوب المجاورة ? أعرف أن المدافعين عن هذا الإجراء بالغ القسوة في حق شعب فقير ، سيردون بذات المنطق الذي دافعوا به عن انخفاض الكهرباء في السينغال قياسا ببلدنا، و هو البلد الذي استفاد من فائضنا نحن من هذه الطاقة.. أي منطق !
و نبقى في انتظار مزيد من المعاناة و الظلام و القتل و الحرابة و السرقة ... و في انتظار مزيد من تلاعب عمال شركة الكهرباء غشا و تحايلا مع اتساع مساحة المستعدين للتواطئ ، من المواطنين غير الورعين دينيا، مع هؤلاء المتحايلين، في ظل عجز الأسر و التجاريين عن الإيفاء بالتسديد الأمين لفواتيرهم ! و بالمقلوب، ستكتفي مئات الآلاف من المواطنين بمصباح واحد لبضع ساعات من الليل، بعد أن تتكيف مع الحياة بدون ثلاجة ..
عاش هذا النظام و طوبى لغالبية الموريتانيين المؤيدين له !
........................................
نقلا عن صفحة الكاتب