هؤلاء الذين يهاجمون النظام من خارج البلد سواء في أوروبا أو أمريكا أو في أي مكان آخر من العالم، لا يعتبرون "معارضة في الخارج" كما هو الحاصل في بعض الدول العربية والإفريقية وحصل في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز..
ولذلك ورغم السنوات التي قضوها في الكتابة ومواقع التواصل الاجتماعي فحتى اللحظة لم يستطيعوا حجز أماكن في القنوات أو الجرائد أو المواقع الدولية للحديث عن موريتانيا كمعارضين في الخارج.
ببساطة لأنهم لا يمتلكون صفات تخول لهم الظهور، فالإعلام الدولي يبحث عمن يمكن أن يشعل النار في برامجه الحوارية ويرفع نسبة النقاش وحدته ، لكن في الوقت ذاته يجب أن يمتلك صفة تساعده على التواجد هناك، مثل؛
مدير سابق أو وزير سابق أو سجين رأي سابق أو مناضل سابق، أو سياسي معارض، أو طالب لجوء بسبب الآراء ..إلخ
أما ما يحصل الآن فهو ببساطة، مجموعة من الشباب أو الرجال، ذهبوا بحثا عن فرصة للدراسة والعمل، وبشكل مفاجئ وجدوا أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي وجرفهم تيار المعارضة ليكونوا معارضين لكل شيء، وهذا عادي جدا، لكن غير العادي هو تصورهم أنه لا يوجد من المعارضة سواهم ولا يوجد من الشجعان غيرهم ولا يوجد من الأحرار إلا هم.
وأرض موريتانيا تشهد على أنهم لم يشاركوا في وقفة ولا مسيرة، ضد أي نظام حاكم، ولم يتم قمعهم بالغاز المسيل للدموع ولم تضربهم الشرطة بالعصي، في خرجات تطالب بتحسين مستوى حياة المواطن، أو بمحاربة الفساد أو بالديمقراطية… إلخ
أما المعارضة في الداخل، فقد تبخرت ولم يبقى منها سوى نواب قلائل في البرلمان عرفوا بمعارضة النظام السابق، ويعارضون النظام الحالي، لكن أصواتهم ضعيفة في ظل ارتفاع أصوات كثيرة مؤيدة أو داعية للصمت والتأني.
نجح الرئيس محمد الشيخ الغزواني في ترويض أشرس معارضي سلفه، وإن كنت شخصيا أرى بأنهم كانوا في أتم الاستعداد للترويض بحثا عن مصالح سياسية واقتصادية، بغض النظر عن من سيكون على كرسي الحكم.
حزب تواصل الأكثر تمثيلا في البرلمان، والخبير في التواجد على الميدان من خلال المسيرات والمهرجانات، ورغم بياناته إلا أنه هدأ اللعب وقام بتخفيض الرتم، وتقرب بعض رموزه من النظام.
حركة إيرا، لم تعد أنيسة الميدان كما كانوا يلقبونها، والأسد الثائر ضد الأنظمة العسكرية، أصبح حملا وديعا، لم يعد يزبد ولا يرعد، وبطريقة أخرى وجد صديقه الذي كان يبحث عنه..وإذا نظرت إلى الواقع تجد أن الأمور نفسها التي كانت تخرجها إلى الميدان ما تزال قائمة حسب حديث رئيسها وأعضائها وحسب التسجيلات الصوتية الخجولة..
- حالات عبودية لم يحكم لصالح ضحاياها
- الأوراق الثبوتية التي يعجز البعض عن الحصول عليها
- متهمون بالاستعباد لا يحصلون على العقاب
- تدوير المفسدين
- تهميش لحراطين من التعيينات
أحزاب أخرى وحركات شبابية، كانت دائما حاضرة في تنظيمات المعارضة، مثل "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" اختفت هي الأخرى ولم يعد لديها وجود في الساحة، فأين تبخرت؟
ضمن الرئيس محمد الشيخ الغزواني الهدوء لأكثر من نصف مأموريته، والواضح أنه يسعى لأن يبقي على هذا الهدوء إلى ما قبل الانتخابات بقليل، فجلسات الحوار التي ستبدأ السبت من شأنها أن تطيل عمر التطبيع الحاصل بين المعارضة والموالاة.
كلما زادت مدة التطبيع، كلما زاد تساؤل المواطنين عن المعارضة، وكلما زادت خيبة أملهم فيها، فبأي الوجوه ستأتي المعارضة إلى الشعب قبل الانتخابات؟
الفراغ الذي تركته هذه الأحزاب والحركات تحاول "جبهة التغيير" أن تسده، وقد استطاعات أن تأخذ لنفسها وصف "الجبهة المعارضة" غير أنها لم تتقدم حتى اللحظة إلى الأمام بشكل قوي، كما كانت تفعل المعارضة في عهد ولد عبد العزيز.