زوم الصحراء (13).. رسائل الحكومة الثالثة

أخيرا بعد أشهر من الانتظار والترقب جاء الإعلان عن الحكومة الثالثة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مخالفا لآفاق انتظار رسمها البعض ومعززا لأخرى لكنها - وتلك الأهم- حملت رسائل قوية الدلالة على رهان ومستقبل النظام السياسي وهو يقترب من ولوج عامه الثالث؛ وتقترب بالتالي الاستحقاقات السياسية والانتخابية الكبرى الأهم منذ العام 2019. 

في " زوم الصحراء هذا الأسبوع " نحاول تركيز الصورة لرؤية أبعاد تلك الرسائل؛ وتأثيراتها المرئية والمحتملة؛ في المشهد الوطني بما فيها تلك التي لها تداخلات مع المشهدين الاقليمي والدولي. 

 

من الديوان وإليه
يمثل خروج الإداري محمد أحمد ولد محمد الأمين من إدارة الديوان أهم جديد الحكومة الثالثة على الإطلاق؛ بل لعل المتابع لمجمل المشهد السياسي الوطني لا يجازف إن قال إنه أهم تطور في المشهد الحكومي منذ وصول الرئيس غزواني للسلطة خريف العام 2019. 

 

✅ فالرجل الذي ظهر مع الرئيس وحيدا بعد إعلان ترشحه؛ وصحبه في جولته الاستطلاعية الممهدة للحملة؛ ينظر له الأصدقاء والخصوم باعتباره رجل النظام القوي وصاحب السر المؤتمن. 

 

✅ وخروجه يأتي في ظرفية يحتدم فيها التنافس البيني داخل أروقة الحكم على أكثر من جبهة؛ وحول أكثر من قضية؛  ما يكسبها أهمية أكبر ويعزز من طرح الأسئلة حولها؛ أهي اختيار من الرئيس له علاقة بتطورات أخرى وطنية واقليمية في الموقع الجديد ( سنناقش بعض ذلك في محور لاحق)، أم هو اضطرار دفعت له حدة التجاذبات؛ وإحساس الرئيس أن ثمن بقاء الرجل المخلص قريبا قد يكون باهظا على أكثر من صعيد داخلي وخارجي؛ لذا لم يكن هناك بد من "أخذ مسافة " لامتصاص موجات التجاذب والتذمر.!؟ 

 

من الحزب إلى القصر 
ولعل ثاني أهم رسالة في المشهد الحكومي المستجد هي تلك التي حملت الدكتور يحي ولد أحمد الوقف الذي ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره أحد أهم عناصر قيادة الحزب  الحاكم؛ إلى الأمانة العامة للرئاسة، وهي خطوة جاءت لتتوج الدور الرئيس للرجل القادم من خندق المعارضة في الموقع الذي يعزز مكانته في هندسة المشروع السياسي لنظام الرئيس غزواني؛ وهو الموقع الذي يتفق خصوم الرجل وأنصاره على أنه من أكثر عناصر النظام أهلية لشغله. 

 

ثقة مقيدة
ساد انطباع قوى في الرأي العام الوطني أن تواتر التعبير عن عدم الارتياح من الأداء الحكومي الذي ظهر على الرئيس غزواني في عدة خرجات؛ كان آخرها خرجة قصر المؤتمرات قبيل استقالة الحكومة؛ سيعني تغيير الوزير الأول محمد ولد بلال، لكن الرياح جرت بخلاف ما توقع عديدون؛ فأعيدت الثقة للمهندس الصموت المنحدر من ولاية اترارزة لكنها ثقة مقيدة فيما يظهر حيث: 

 

✔️ طالت التغييرات أكثر من نصف طاقمه الحكومي وفي كل القطاعات السيادية والخدمية . 

 

✔️ تم التجديد لعدد من خصومه الألداء داخل التشكيلة الجديدة، مما يعني أن الثقة التي حصل عليها لم تكن شاملة أو بالأحرى لم تكن حصرية ، ولعل في مشهد ظهور الرئيس ومجمل الطاقم الحكومي معه بشكل جماعي رسالة فحواها أن تحديات المرحلة تتطلب ظهور الجميع وتضافر جهود الجميع. 

 

وبالمجمل 
ودون الدخول في قراءة السير الذاتية والخلفيات السياسية؛ والمجتمعية لمسؤولي الحقائب التنفيذية في حكومة غزواني الثالثة؛ يمكن القول إنها حكومة تعكس ملامح مشهد وطني مستقبلي ثلاثي الأبعاد: 

 

☑️ يستحضر الانتخابات ويريد الشروع في تحضيرها ولعل إيثار الداخلية بمدير الديوان أوضح تعبير عن ذلك. 

 

☑️ معني بتعزيز الشراكة أكثر مع حلفاء خارجيين مهمين؛ وهو ما يترجمه انتقال وزير الخارجية إلى إدارة الديوان. 

 

☑️ ومستمر في مسار تعديل الصورة الخارجية عن موريتانيا من خلال تحويل وزير الداخلية إلى وزارة الخارجية. 

 

هكذا إذًا تأخر التعديل الوزاري كثيرا، وكما هي العادة والمتوقع تباينت المواقف منه؛ لكن الواضح أنه بالنسبة لراسمي سياسة النظام قد يكون التعديل الأهم في تاريخ المأمورية الحالية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فهل ستكون الآثار المترتبة عليه بحجم انتظاراته وتوقعاته..؟؟

سبت, 02/04/2022 - 11:05