ما بعد السنة إلا ...

محمدن الرباني

أكمل الرئيس منذ بداية الشهر الجاري عامه الأول في السلطة؛ ولما تلح بوادر على حدوث تغيير يذكر، مما يستوجب على الحالمين والفارين بآمالهم إلى سراب أن يتمهلوا قليلا، ويعلموا أن الهدوء والمسحة الأخلاقية ومحاولة الاستيعاب مجانا لا تكفي لتغيير القناعات وتبدل المواقف، كما لا تسهم في التنمية إلا بقدر ما يمسك الماء الغرابيل.
عام على استلام المهام والأمور على ما كانت عليه:
1- لا مؤشرات لحد الساحة على إصلاح التعليم، فلا حديث عن رفع مهم لمخصصات التعليم من ميزانية الدولة، ومعلوم أن مشكلة التعليم في جوهرها مشكلة موارد، فلا بنى، ولا وسائط، ولا تحسين لظروف المدرسين والمؤطرين التي حدث عنها ولا حرج في القسوة والشدة، لا شيء من ذلك كله بدون تطوير الموارد، وإن أي نظام لا يتحدث عن التعليم حديثا لغير الاستهلاك هو نظام دعاوي تفتقد البينات. 
مر  عام على التعليم من الفصل والوصل أشبه بلعبة الفك والتركيب في مكعبات الأطفال.
أحاديث رقمنة حضور وغياب الأساتذة -وهم في الظروف التي فيها- وتقليص الإدارة، ومراجعة برامج لم يمر على مراجعتها أربع سنين، أحاديث تضارع حديث النظام السابق عن الفساد والمفسدين، إنها تشبه التغطية على عجز، أو تشبه التمويه، لكن موقعها من الإصلاح موقع سهيل من الثريا.
أما فكرة التعليم عن بعد فقد كانت فكرة رائدة ومميزة، لكن سوء الشبكة العنكبوتية على المستوى الوطني أفرغها من معناها إلى حد كبير.
2- لا يجري الحديث عن المفاوضات الجماعية ولا عن تحسين القوة الشرائية للمواطن عموما والموظفين خصوصا، وعلى عكس المعهود من اعتياد السنة الأولى  ضربة راع يقام فيها بإنجاز ملموس يمثل مهماز دعاية كزيادة الرواتب على عهد المرحوم  اعل محمد فال، وإعادة توزيع مخصصات علاوات النقل والسكن في بداية عهد عزيز مع ضغط من النقابات، أما راعي النظام الجديد فلعله لا يحتاج ضربة، فقد أغناه تفهم وتفاعل بعض أحزاب ورموز المعارضة التقليدية عنها، في كرامة من كرامات الصالحين.
3- عرف ملف مواجهة وباء كورونا من الارتباك والعجز ما لا يخفى سواء تعلق الأمر بالإجراءات الاحترازية وحمايتها، أو بإجراءات علاج الآثار...
4- تعززت التبعية المهينة لدولة الإمارات العربية حتى بلغت حد إصدار بيان معيب يستفز مشاعر الأمة عامة والإخوة الفلسطينيين خاصة بمن فيهم السلطة الفلسطينية، في خروج على ثابت من ثوابت السياسة الوطنية باستثناء الحقبة الحالكة من العهد الطائعي.
5- لم تعكس أغلب التعيينات في مختلف الوظائف ما يحلم به البعض من تطبيع الجو السياسي، ولم تكن على أسس مهنية موضوعية، تنبني على الكفاءة والخبرة والاستقامة. بل حافظت على ما ينتقد في سابقها من مراعاة الولاء وقوة الضغط، مراعاة القبائل، ولم تسلم من حرق المراحل العمرية والمهنية في بعضها.
6- ما تزال مظالم النظام السابق كما هي: على مركز تكوين العلماء، وعلى جامعة عبد الله بن ياسين، وعلى جمعية الإصلاح للإخوة والتربية، وعلى غيرها من المؤسسات التي أغلقت بغير وجه، وكأن النظام الجديد يقول بلسان الحال: هذ أمر الم آمر به، غير أني أراه عين الصواب. 
7- ما يزال الأمن في انواكشوط يطرح تحديا كبيرا فمنذ أقل من أسبوع قتل شقيق لجار لنا فجرا في الترحيل من طرف عصابة بدم بارد.
8- ما تزال شركات الاتصال تزداد سوء في خدماتها وتغطيتها، أما انقطاعات الماء والكهرباء فمن أبرز يوميات ساكني نواكشوط.
9- ما يزال النظام لا يلقي بالا للرأي العام، فلا تعليق غالبا على الأحداث التي تهم المواطن بل يسلم إلى سيل من التكهنات والتحليلات وأخبار المواقع والمدونين التي كثيرا ما تكون مضللة ومكذوبة، وإن من ليس على استعداد لإعطاء معلومة جافة، لجدير به أن يضن بثمرة رطبة.
إذا كان النظام لحد الساعة، اما في القادم فلو كنت أعلم الغيب الاستكثرت من الخير وما مسني السوء؛  إذا كان لم يقدم خطوة ملموسة في إصلاح التعليم، ولا في تحسين ظروف المواطن، ولم يسهم في تنوير المواطنين بالمعلومة الصحيحة، ولم يقم حوارا سياسيا وطنيا، فبأي فرق مؤثر يمكن أن نميزه عن سابقيه، وأعني بالفرق المؤثر ما ليس من قبيل حسن الخلق والتؤدة وجمال القراءة، فإنها في عالم السياسة صورة اللحم والدم.
 إن الذين يطلبون فاتورة اعتراف بأننا أمام نظام مختلف، يريدون منا أن ندفع فكاتير الظلمة على حد تعبير الأديب الكبير أحمدو ولد أبن:
ظو الصنگه ما صاع ..
 عنها ظلمه و الم
عاد ألا تيگطاع ..
يمشي مشي الحلمه
 واجوها عادو گاع ..
فكاتير الظلمه.

خميس, 27/08/2020 - 12:37