ولد الزحاف.. رجل يحدث الناس يوميًا في الحياة والموت

الدكتور سيدي ولد الزحاف في مكتبه - (خاص للصحراء)

ربما لو طُرح السؤال؛ من هو الرجل الذي يردد الموريتانيون اسمه كل مساء؟، لما جانب الصواب ذكر مدير الصحة العمومية، الدكتور سيدي ولد الزحاف، الذي أمست إطلالته المسائية، موعدا لا يخلفه الموريتانيون، لمعرفة خارطة تفشي فيروس "كورونا" في البلاد.

 

حينما كان الموريتانيون، قبل أيام، يحتفلون بعيد الفطر المبارك وسط عائلاتهم، كان ولد الزحاف يرابط في مكتب بسيط لا يختلف كثيرا عن مكتب أي مدير في مؤسسة متوسطة، يتابع عمله اليومي، الذي يستمر أغلب ساعات النهار والليل، رفقة مساعدين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وحين تراه بينهم قد لا تعرفه - لولا أنك حتما ستعرفه - فالرجل يكاد يكون اليوم معروفا بالضرورة.

 

في 19 مايو الماضي، كنتُ على مسافة من ولد الزحاف، بالكاد تحترم التباعد الاجتماعي، يومذاك أعلن بكثير من الجدية والصرامة والتأثر أن الوزارة سجلت 50 حالة إصابة بالفيروس، وهو ما يعني تصاعدا كبيرا في منحنى الإصابات، وفي تعليقه على هذا الرقم، الذي تحول لاحقا إلى رقم عادي في يوميات "كورونا"، قال ولد الزحاف إنه على كل مواطن أن يعي تماما أنه في حال إصابة عزيز عليه فإنه لن يتمكن من معرفة أخباره اليومية، وفي حال وفاته فإنه لن يتمكن حتى من إلقاء نظرة وداع عليه بل سيراه من بعيد على نعش يحيط به رجال لا ترى ملامح وجوههم.. وتحجرت دمعة في مقلته كادت تسيل لولا أن الطبيب في داخله انتصر على الإنسان!

 

 

صعوبات وانتظارات

مثلنا تماما.. لا يبدو ولد الزحاف سعيدا بما يُعلن يوميا من إصابات ووفيات، فيقول، في حديث خاص إلى صحفي من "الصحراء": "حين أفكر في أن الناس ينتظرون مني خبرا سارا، ومع ذلك لاتتحقق أمانيهم بسماع ذلك الخبر على لساني، ويستقبلون إطلالتي اليومية بكثير من الخوف والقلق.. في هذه الحالة يعتريني شعور صعب.. صعب جدا".

 

أما العقبة الأكبر التي يواجهها ولد الزحاف، فهي أن "هناك وفيات لا مناص من تبليغ الناس عنها"، فكيف لو تخيلت كم من الناس اليوم تلقى النعي في عزيز عليه على لسان ولد الزحاف. ومع ذلك فيرى الرجل أنه مسؤول عن إبلاغ المواطنين بالمعلومات الكافية حتى "يعرف كل منهم حجم الخطر .. هذه مسؤوليتي".

 

ولد الزحاف، الذي يُحدث الناس في شأن الحياة والموت، لا يتمنى شيئا كما يتمنى أن يطل عليكم يوما - وعساه أن يكون قريبا - ويعلن "بكل ثقة أن منحنى الوباء في موريتانيا بدأ ينخفض".

 

 

ولد الزحاف ونذيرو

قبل عشرين عاما تعرف الطبيب المتعاون مع التعاون الألماني في موريتانيا سيدي ولد الزحاف، على المدير في وزارة الصحة محمد نذير ولد حامد، في ورشة صحية جمعتهما ضمن آخرين، ربما لم يتصور أي منهما أن الأيام تُخبئ ما حصل لاحقا، وأن اسميهما سيترددان معا وكثيرا على ألسنة الموريتانيين، تقديرا أو انتقادا، في خضم جائحة انهارت تحت وطأتها أنظمة صحية عالمية وحديثة بالمعايير "الحديثة".

 

سألتُه كيف تعرفت على نذير فقال ضاحكًا: "الأطباء في موريتانيا يعرفون بعضهم البعض جيدا، (ما كاتلتهم الكثره) لذلك لا تستغرب كيف تعرفت على الوزير نذيرو".

 

بعد ذلك اللقاء بأشهر معدودة أنهى ولد الزحاف تعاقده مع التعاون الألماني إثر خلاف نشب بين الطرفين، وتصادف ذلك مع حاجة نذيرو إلى مساعدين في عمله كمدير في الوزارة، فاقترح التعاون الألماني اسم ولد الزحاف رغم الخلاف آنف الذكر، لكن ما لبث أن استقال نذير من وزارة الصحة، وغادر ولد الزحاف إلى خارج البلاد.

 

لاحقا جمعتهما أعمال بحثية عديدة ترتبط بمجال تخصصهما، وهو "الصحة العمومية"، ويقول ولد الزحاف "في الحقيقة أنا معجب بكفاءة نذيرو وأخلاقه وبساطته، وأعتقد أنه يبادلني نفس الشعور".

 

وبعد تولي نذيرو منصب وزير الصحة في أغسطس 2019، جاء بولد الزحاف مديرا للصحة العمومية، بعدما راكم تجربة 20 عاما من الخبرة في إدارة برامج صحة الأمهات والطفل والتغذية على جميع مستويات النظام الصحي في موريتانيا، وهو الحاصل عام 1994 على دكتوراه الطب العام من جامعة كييف بأكرانيا.

بعد تخرجه مباشرة عمل طبيبا عاما بعدد من مقاطعات البلاد قبل أن يلتحق بالتعاون الألماني مدة 3 سنين، ولاحقا ينضم إلى صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) وتحديدا عام 2007 مختصا ببرنامج حماية الطفولة وصحة الأمهات.

ولد الزحاف في إطلالته اليومية -  (خاص للصحراء)
وسائل الإعلام تنقل مؤتمر ولد الزحاف - (خاص للصحراء)
ولد الزحاف رفقة وزير الصحة - (المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي)
دراسة علمية مشتركة بين ولد الزحاف ونذيرو وآخرين - (خاص للصحراء)
اثنين, 08/06/2020 - 14:37