كورونا في نواكشوط.. منافذ العدوى بين جديّة الخطر ومحدودية تدابير الوقاية

مثلت الحملات الإعلامية والتحسيسية المناهضة لانتشار فيروس "كورونا" الشغل الشاغل للرأي العام المحلي والدولي في ظل استمرار إقبال المواطنين في المدن الكبرى على أنشطتهم اليومية، إذ تعتبر الأماكن العامة منافذ مفتوحة لنشر العدوى في تحد يزيد من خطره محدودية إجراءات الوقاية المتخذة، وسنستعرض في المعالجة أدناه أبرز هذه المنافذ والمخاطر المترتبة على مستخدمي كل منها حسب الدور الذي تضطلع به وسط أجواء من الترقب لا تعززها الثقافة المفتوحة للموريتانيين في المخالطة وسهولة الاتصال بالآخرين.

 

أولا: النقل العمومي 

 

حاولت سلطة تنظيم النقل تقليص عدد الأشخاص المسموح بركوبهم في رحلات النقل، وحددت أعدادا لكل نوع من أنواع هذه السيارات، إلا أن السائقين استقبلوا هذا الإجراء بمطالبة السلطات بضرورة أن يواكب تقليص عدد الركاب بخفض لأسعار الوقود، ونتيجة لذلك واصلت سيارات الأجرة داخل نواكشوط تواصل عملها المعتاد دون اكتراث بإجراء نقص عدد الركاب، كما واصل المواطنون الرضا باستمرار الحال على ما كان دون الامتناع عن استخدام هذه السيارات بسبب الأزمة المعروفة في وسائل النقل وتوفرها في مختلف أحياء العاصمة.

 

وقد لوحظ منذ اعتماد الإجراءات الوقائية ضد انتشار فيروس "كورونا" تغطية أغلب الركاب لوجوههم باللثام في مظهر يتوسع انتشاره بين السكان، لكن البعض ما زال يحتفظ بطريقته الاعتيادية في التعامل، مفضلا عدم لبس الأقنعة خلال تنقله في سيارات الأجرة.

 

ثانيا: عادات التسوق

 

عند تجولك في الأسواق تعرف عن قرب كيف يواصل الباعة والمشترون عاداتهم دون اكتشاف كبير حذر، حيث يشكو التجار من تراجع الإقبال، بينما يواصل المشترون ممارسة هوايتهم في تتبع المحلات التجارية بحثا عن سعر أفضل، وفي كل هذه المحطات يطلق الجميع حاسة اللمس لتطال ما يرغب في السؤال عن ثمنه، وهو لمس يتميز بطقوس خاصة فيما يتعلق بجولة من السلع نذكر من بينها على سبيل المثال الخبز والحبوب.

 

وإن كانت الساعات الماضية عرفت محاولة فرض مستوى من غلق بعض المحلات التجارية، إلا أن تلك المحاولات لا زالت خجولة ومعزولة في ظل القاعدة السائدة داخل مختلف الأسواق نتيجة الأعراف الاجتماعية وطبيعية الموريتاني في التعامل التلقائي مع من يتواصل معه دون تحفظ.

 

ثالثا: شبابيك البنوك والمؤسسات العامّة

 

تدل أبسط جولة في مدينة نواكشوط على الفوضى الحاصلة في شبابيك مختلف البنوك، حيث عبر العديد من المستخدمين عن تذمرهم من عدم برمجة بعض البنوك على الإجراءات الوقائية الضرورية، وعند استخدامك الشباك الأوتوماتيكي رغم مطالعتك في الشاشة لسبل الوقاية إلا أن المعقمات لا تتوفر بالقدر الكافي، إذ لوحظ نفادها في بعض الشبابيك دون تجديدها بشكل فوري، مما وضع بعض الزبناء في حالة ارتباك نتيجة لغياب بدائل المعقمات ومحدودية الشبابيك العاملة.

 

وتمتد معاناة المستخدمين مع بعض الشبابيك الموجودة في المؤسسات العامة والشركات، إذ تحاول بعض هذه المؤسسات مواكبة الإجراءات وفرض مستوى من احترام التوصيات الطبية، لكن عقليتنا التلقائية تبقى دائما حجر عثرة في سبيل التطبيق الصارم، إذ ما زال البعض يحاول التملص من إكراهات غسل الأيدي وتعقيمها غير عابئ بجدية التهديد.

 

وستبقى منافذ العدوى أكثر من الحصر نتيجة لتعدد الأماكن العامة المفتوحة أمام رواد الخدمات المقدمة، ولن تحيط الإجراءات الوقائية بكل احتمالات تعامل الأشخاص في بعدها الذاتي مع تلك التوصيات الصحية، لكن إثارة مثل هذه الإشكالات تعتبر رافدا إضافيا لحملات التعبئة والتحسيس الميدانية التي تتنافس العديد من الجهات الرسمية والمستقلة على خوضها لمحاصرة انتشار الفيروس بعد أن تم غلق الحدود وفرض طوق على البلاد لعزلها عن الدول المجاورة التي يسجل انتشار الفيروس فيها تقدما ملحوظا بلغ أوجه خلال الأيام القليلة الماضية.

أحد, 29/03/2020 - 12:48