لن تصدقوني اذا قلت لكم أني لا أعرف هذا الذي أحدث حفله الفني ضجة كبيرة، حتى اني مررت مرور الكرام على العناوين التي كانت تتحدث عن التحضيرات الكبيرة لاستقبال الرابر والراقص سولكينغ أو الشاب عبد الرؤوف دراجي الذي لا يختلف كثيراا عن أبناء الوطن الذين قرروا ومازالوا يريدون الهجرة وترك البلد، لكنه استطاع تكوين نفسه هناك والتعاقد مع شركات فرنسية للترويج لأغانيه، والبارحة عاد لأرض الوطن للغناء والترفيه عن شباب وشابات بلده الذين كانوا يرون فيه الأمل والقدوة، فسلوكينغ كان يُعبر عنهم وعن معاناتهم، وجاءت ساعة الجد وامتلاء المكان عن اخره لدرجة عدم القدرة على الاستعاب والتحكم في الوضع، تدافع وصراخ، شجار بسبب اللاعدالة في توزيع البطاقات، وعدم السماح للمواطنين بالدخول، وهذا كله أدى الى كارثة حقيقية راح ضحيتها شباب وأطفال، طبعا كل الكلام والأفعال لن تعيد البسمة والأولاد الذين توفوا ، لكن لنقف وقفة قصيرة ونتكلم بصراحة وعقلانية بعيدا عن التعصب والنقاش الغير الهادئ، والبداية ستكون من الحفل بحد ذاته، وهنا أطرح سؤالا للمسؤولين الجزائريين :
هل هذا وقت حفلات ، فحسب علمي نحن في أزمة وعجزنا المالي لا يسمح باحتضان مثل هكذا حفلات، ستقولون حفل خيري وكل أرباحه ستعود لمرضى السرطان، الفنان لم يقبض شيئا وجاء لوجه الله، جميل وكلام نفرح به ونشجعه، لكن فعل الخير الغير منسق ومنظم والغرض منه التشهير والاشهار لا نريده، ورغم هذا نتمنى أن تكون في ميزان حسنات كل من كانت له نية حسنة .
الكل سخط ،غضب وتهجم على شخص الوزيرة وخاصة فئة المثقفين الذين لا يستسيغونها كثيرااا ، نعرف أنها وزيرة الثقافة ،والغناء والرقص جزء لا يتجزأ من هذا القطاع المريض ، لكن الوزيرة لا تتحمل لوحدها سبب الكارثة، والهجوم عليها بهذه الطريقة ونعتها بتلك الأوصاف شيئ لا يُشرف ولا يليق، وهذا يا سادة ليس دفاعا عن شخصها، فأنا من الذين عارضوا تعيينها وكتبوا عنه، لكن لا تنسوا أن ميهوبي قبل ذهابه ترك قنابل من المشاكل التي يُستعصى حلها ، فوزير الرياضة من المفروض كذلك أن يستقيل باعتباره مسؤول عن الملعب الذي لا يتسع لكثيير من الجماهير الرياضية العاشقة للبطولة الجزائرية،رئيس الحكومة في هذه الحالة كذلك من المفروض أن يغادر لأنه مسؤول عن أناس غير أكفاء، ولكن كالعادة دائما نمسح الموس في أشخاص لكي نتملص من المسؤولية.
الاستعانة بشركات أمنية ليس لها خبرة في هذا المجال هو اللامسوؤلية بحد ذاتها، وفوق هذا لا تملك ترخيصا، هذا دون نسيان افتقار الديوان لأهم التجهيزات والعتاد لمثل هكذا حفلات، ولما يقولون لنا لستم جاهزين لاحتضان تظاهرات كبيرة، نغضب ونقلب الدنيا.
أحسن وأروع فترة في عمر الانسان هي فترة شبابه، لذا نحن نفهم حق شبابنا ونعرف أن حفل سولكينغ نفس عنهم وجعلهم يقفزون الى فوق، لكن في نفس الوقت يجب كبح جماح الفرح والشعور، والنظر الى الأمر بواقعية، وكلامي موجه الى أولياء الأمور، فالكبير بعقله ورزانته ليس بتهوره مثل الصغير، الملعب كان فيه اختلاط كبير جدا وتزاحم، كان فيه بنات وأولاد، ومثل هكذا تجمعات سيكون الشيطان حاضرا وبقوة، وهذا ما أدى الى نشوب بعض الصراعات بين الفتيان والفتيات، أب يقول أنه لم يعرف ما حدث لأنه كان نائم، وأن أمهم هي التي أخذت بنتاها الى الملعب، هنا يُطرح السؤال؟؟؟؟، فنعم لمسايرة أبنائنا ومُجالستهم، أنا مع أسلوب الترغيب وليس الترهيب في التربية خصوصا مع جيل اليوم، لكن لكل شيئ حدود ولا داعي لفتح الأعين كثيرااا، ضف الى ذلك فالحفل نُقل على المباشر في التلفزيون العمومي،ومع هذا نقول لا بأس فكلنا شباب ونعرف معنى حب رؤية ستار أمامك، وأنا هنا لا أشك في تربية أحد ولا أزايد على أحد ، رأي قابل للخطأ والصح. وهذا يذكرني بحادث مماثل أيام الجامعة، وقتها جاء بروفيسور كبيير لالقاء محاضرة علمية أدبية، نسبة الحضور تُعد على الأصابع، يومين بعدها جاء فنان أعراس، وغنى في قاعة المحاضرات ، والله لتُدخل رأسك لا تستطيع، جمع غفير من الطلبة حضروا ورقصوا على ايقاعات أغانيه المسموعة من وسط المدينة، فيا شبابنا الدنيا ليست غناء ولهوا، وليست حكما وأمثالا، مسك العصا من الوسط مهم جدا.
كثير من التعاليق الفايسبوكية دعت الى عدم الترحم على هؤلاء واعتبارهم كفرة ونجس ووو، لدرجة أنهم لقبوا بأصحاب سوء الخاتمة، هناك من يموت في الحج واخر يموت في حفل، شيه، لا تترحموا عليهم وغيرها من التعاليق الغير مناسبة، فمن أنا وأنت لنقول أن فلان ختم بخير أو بسوء، كلنا بشر معرضون للسهو والخطأ، لذا رجاء لا تكونوا أئمة ومصلحين، ودعوا الحساب لرب العباد.
نقول لمن اختار ملعب عشرون أوت أن الوجهة كانت ستكون أجمل وأأمن في رياض الفتح، أو ملعب الخامس جويلية، دار الأوبرا، بالإضافة الى هذا فالجزائر 48 محافظة، يعني كان بامكان استقبال الفنان في قاعة زينيت بقسنطينة أو أي مكان أخرفي الجزائر الحبيبة والكبيرة .فسولكينغ عاد الى فرنسا ، وشبابنا مات ، والتحقيقات مازالت مستمرة، وضحايا هذا الحفل كُثر ومتنوعين تنوع ألقابهم ومناصبهم، الحياة ستتواصل وسيبقى هذا الحفل وصمة عار في تاريخ الجزائر والمسؤولين الذين كانوا لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة به، فللأسف هذا التسيب أجاب على سؤال لماذا لا ننظم تظاهرات عالمية افريقية رياضية وثقافية، والأفضل حفظ ماء الوجه واستقالة الحكومة الغير مرغوب بها ، والاسراع في اصلاح أمور البلاد والعباد، تعازينا القلبية لكل أهالي الضحايا ورحم الله كل من توفي في هذا الحادث الذي سيكون عبرة للمستقبل ولمن لا يعتبر منا جميعا دون استثناء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رأي اليوم