الفيسبوك مطية ثقافة العنف

 سيد محمد الامام

عندما سمح موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك للرئيس الامريكي السابق دونالد اترمب بنشر جملته المقيتة : عندما يبدأ النهب يبدأ اطلاق النار ، في خضم الاحتجاجات علي  مقتل مواطنه الاسود جورج فلويد ، شعر عقلاء العالم بالقلق الشديد والتوجس من دور بدأ ينزلق اليه رائد التواصل الاجتماعي  متمثل في نشر ثقافة العنف والتخريب كأكثر الوسائل المتاحة فاعلية وعملية 

حتي لسكارى اتفه الخمارات ، اتضحت لي وجاهة قلق هؤلاء عندما صدمتنا صفحات لموريتانيين يعيشون في قلاع الديمقراطية وراء البحار بالدعوة الصريحة وبكل وقاحة الي الانقلاب علي نظام منتخب مباشرة من طرف الشعب .

ان دعوة كهذه حين تصدر ممن ينادون بقيم الحرية والديموقراطية وعبر وسيلة اعلامية تأسست علي نفس القيم (الفيسبوك) لا يمكن ان تمر دون ان نتساءل عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء اهداف العقل الذي انتجها .

بداية علينا ان نعرف ان وجود معارضة ديموقراطية ضروري جدا لوجود حكم ديموقراطي  ، والتحدي الحقيقي لنا في موريتانيا هو ان معارضتنا الموقرة مكبلة ايديولوجيات شمولية قمعية سيئة السمعة سطرت تاريخها بالدم والحديد والنار تكبلها كافعي اناكوندا ولا تكف العقول الرجعية التي تنظر لها عن حشر العقل السياسي الموريتاني في زاوية مظلمة بعيدة عن عجلة التطور، ولذلك ليس غريبا علي منطق معارضي السبعينات اعتبار اي نظام يحكمنا مهما كان ديمقراطيا هو نظام دكتاتوري فاسد ، ان معارضتنا الآن تشبه فريق كرة قدم يلعب مباراته مرتديا الدروع القوطية .

لا يمتلك مرضي هوس الشهرة الفيسبوكية نفس دهاء ساسة المعارضة ، لذلك يخاطبون جمهورهم باحتقار عجزوا عن اخفاءه ويغلب علي لغتهم منطق الاستعلاء : الاستحمار ، شعب جبان ، شعب غبي ، شعب جاهل  ، وتبدوا اعراض عقدة قابيل جلية في تعاطيهم مع خصومهم : المفردات الساقطة ، والسب الخادش للحياء ، والكره العدائي والتحريض.. الخ .

 ان ما يثير حفيظة هولاء هو حقيقة ان الدولة العميقة وبمنطق  قانوني بحت ، تفرض كلمتها في كل عملية انتخابية تحدث علي اديم موريتانيا وتلك الاصوات القادمة من الداخل هي الفيصل وفي نفس الوقت لا احد في العمق تجدي معه خزعبلات (المباشر )  و لا تدوينات (ما وراء البحار ) وقد ثبت سابقا انها حالة مستعصية علي الحداثة حينما ما كانت المافيا الامريكية المتطورة تدار من ارياف صقلية .

  تدرك هذه النخب التي هي بقايا تاريخ متكلس لتنظيمات سرية فاتت علي اعصار التغيير الذي جرف الاتحاد السوفيتي و ازال جدار برلين من الارض والعقل ، من جهة ومن جهة اخرى حصاد المنظمات الدولية والمافيات العالمية من شباب المهاجرين ، وشئ من بقايا انظمة سابقة ، ان الجيش هو القاعدة الصلبة التي يقوم عليها البلد و لا امل لهم في السلطة ما بقي علي ولائه للدستور ولكيان الدولة لذلك بدؤوا في استهدافه عن وعي وعن غير وعي بفعل يئسهم التام من  امكانية تحقيق ما لا يمكن ان يتحقق  ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن قانونية تسخير فيسبوك امكانياته الهائلة لحملات التخريب والتشهير هذه التي تستهدف كل الشعوب تقريبا من طرف اصحاب نوايا مشكوك فيها.

خميس, 21/01/2021 - 11:55