وسط مطالب بعودته.. الاتحاد المغاربي يطفئ شمعته 33

يطفئ الاتحاد المغاربي شمعته الثالثة والثلاثين، وتتجدد بهذه المناسبة الآمال في عودة الروح إلى الميثاق الذي يجمع بين الدول الخمس المشكلة له وإعطائه نفسا جديدا.

ويجمع المراقبون على أن التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا، طرحت عددا من الأسئلة حول إمكانات التكامل الاقتصادي بين دول اتحاد المغرب العربي الذي تأسس بتاريخ 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش المغربية، حيث تُعتبر معدّلات التبادل التجاري بين دولها من بين الأدنى في العالم.

ويدعو متابعون إلى إذابة الجليد بين دول المنطقة وتعبيد الطريق نحو تعاون أوثق بغرض إنشاء مجال تجاري متين يدعم اقتصادات البلدان المنتمية للمجال المغاربي وينافس التكتلات الاقتصادية المجاورة كالاتحاد الأوروبي.

طموح 100 مليون مغاربي

في هذا السياق، قال الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن: "لا شك أن جمود الاتحاد المغاربي يمثل تخليا عن الطموحات المشروعة لازيد من 100 مليون مغاربي معظمهم شباب".

وأضاف: "الاتحاد المغاربي يتعرض لنكسة حقيقية على مستوى التكامل والاندماج البيني الذي يعتبر الأضعف بين المجموعات الاقليمية عالميا والمجموعات الاقتصادية الأربع الأخرى بالقارة الافريقية."

وبحسب بودن، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، فإن "العمل المغاربي المشترك يتطلب الوضوح في المواقف وتحمل المسؤولية والابتعاد عن ما يغذي التناقضات."

وأكد في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن التقييم العقلاني يقول إن المغرب متمسك تمسكا عميقا بالاتحاد المغاربي، وقد سعى لتحقيق طموح الوحدة عبر أكثر من مبادرة لتعزيز التواصل بين بلدانه الخمس وتعزيز حضور الفضاء المغاربي في مشاريع الاتحاد الافريقي والمجموعة العربية وذلك من منطلق المصير المشترك.

وساهمت المملكة المغربية، حسب بودن، مساهمة بارزة في المسألة الليبية طيلة الفترات الانتقالية الخمس ولو كان الاتحاد المغاربي فعالا ومتماسكا لكان له دور محوري في الحد من الآثار السلبية التي طالت سيادة و مقدرات ليبيا كبلد مغاربي.

ونبه إلى أن "متغيرات اليوم على المستويين الصحي والمناخي والتحديات المتعلقة بالإرهاب والهجرة والمخاطر من الجيل الجديد تمثل سببا وجيها للتنسيق والتعاون على مستوى المنطقة المغاربية المطوقة بالتحديات".

 خسائر بالمليارات

يؤكد الخبراء في الاقتصاد بأن الجمود الذي يعيشه الاتحاد المغاربي كلف ولازال يكلف بلدانه المؤسسة خسارة حجم مبادلات تجارية بنحو 6.1 مليار دولار سنويا.

في هذا الصدد، أكد أستاذ الاقتصاد بالتعليم التقني العالي الحسين الفرواح، أن "استمرار الجمود في ظل غياب أية بوادر في الأفق لحلحلة المشاكل بين الأعضاء، تفقد إقتصاديات الدول الخمسة ما بين 1 و2 نقطة مئوية من الناتج الداخلي الخام بكل بلد عضو، بحسب التقرير رقم 01/19 لصندوق النقد الدولي موسوم بـ"الاندماج الاقتصادي بالمغرب العربي: مصدر للنمو لم يستغل بعد".

وقال إنه يمكن أن ترتفع معدلات النمو بمقدار درجة مئوية في المتوسط في كل بلد في حالة زيادة الانفتاح بالبلدان المغاربية".

وبالتالي، يتابع الخبير في الاقتصاد لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن مجمل التقديرات الكمية تشير إلى أن الاندماج الإقليمي المغاربي سيكون له تأثير كبير على النمو، على اعتبار أن حجم اقتصاد الدول الخمسة مجتمعة لا يتجاوز حاليا 330 مليار دولار وحجم الصادرات ينحصر في حدود 96 مليار دولار، كما أن التعاون الاقتصادي بين البلدان المغاربية من شأنه أن يحسن المستوى المعيشي لساكنة الدول المعنية ويخفض نسب البطالة.".

ويقول الفرواح: "كان بالإمكان أن يتحول المغرب العربي منذ تشكيله إلى اليوم، إلى اتحاد جمركي ثم سوق مشتركة على أمل تشكيل اتحاد مالي وإقتصادي في مستويات متقدمة من الاندماج، لكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن".

وكل المعطيات الرقمية تدل على أن هناك إهداراً سنوياً يناهز 30 إلى 60 مليار دولار من القيمة المضافة التي كان بالإمكان أن تستفيد منها مجمل هذه الاقتصاديات لو تمكنت من خلق تكاملات وتعاملات بناءة فيما بينها.

ضرورة إذابة جليد الخلافات

وبخصوص المصالح المشتركة والملفات العالقة بين بلدان المغرب العربي، لفت الإعلامي والمحلل السياسي، مصطفى الطوسة إلى ضرورة إذابة الجليد بين دول الاتحاد الخمس.

ولفت الطوسة إلى "أن غياب المغرب العربي كهيئة موحدة له ثمن اقتصادي باهض بالنسبة لشعوب المنطقة، لو توصلت البلدان الأعضاء في هذا الاتحاد إلى التفاهم السياسي لاستطاعوا أن يكونوا سوقا مشتركة تحاور باقي الفضاءات الاقتصادية الأخرى بلغة الندية وتكون قادرة على فرض شروط معينة للتعامل الاقتصادي وظروف خاصة للمفاوضات المربحة".

وتابع الطوسة في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا شك أن إطلاق دينامية الوحدة المغاربية سيرسخ وجود تكامل اقتصادي بين مختلف مكونات بلدان المغرب العربي يجعل تبعيتها إلى الخارج أقل خسارة من الوضع الذي تعيشه حاليا اقتصاديتها. عجلة النمو والتطور ستكون حتما أكثر سرعة وأكثر فاعلية تحت سقف اتحاد عربي موحد بالمقارنة مع الوضع الحالي المتميز بسياسات قصيرة الامد وضيقة الهامش على جميع المستويات".

وخلص المحلل إلى أن "عودة الحياة لاتحاد المغرب العربي مرتبطة حتما بامكانية تجاوز الخلاف بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء. واليوم بفضل الاختراقات الدبلوماسية التي يحققها المغرب على صعيد وحدته الترابية هناك أمل باعطاء هذه المنظومة الاقليمية نفسا جديدا يعكس مصير شعوب المنطقة المشترك ويقوي دورها كلاعب إقليمي فاعل سياسيا واقتصاديا." 

المصدر: سكاي نيوز عربية 

خميس, 17/02/2022 - 12:43