الأخوين الأصغر والأكبر (1)

 عبد الله ولد اكوهي

بادئ ذي بدء اسمح لي-أيها القارئ العزيز، تقرير مسلمتين لا شية فيهما قبل البوح بخواطري حيال الموضوع. أما الأولى فهي أنه مما لا شك فيه أن كل بلدان العالم وكل المجتمعات شرقا ومغربا تشهد قدرا معينا من الفساد مما يعني أننا لسنا معنيين دون غيرنا بهذا الأخطبوط. والحقيقة الأخرى التي لا مراء فيها كذلك هي انتفاء وجود "المجتمع الفاضل" أو "المدينة الفاضلة" الخاليين تماما من الفساد ومن الفاسدين والمفسدين في اي بلد مهما كان. ولكنه يبقى أن ما قد يشغل بال الناس ويؤرقنا ويحيرنا نحن فعلا هو ما كان عليه حجم الفساد خلال العشرية الفارطرة بل وما قبلها وما بعدها وتشابك دوائره وترابط حلقاته وآلياته بصفة سافرة ومكشوفة وغير مسبوقة في بلدنا مما يهدد مستقبله في الصميم وما يترتب عليه من تدمير لقيمنا وسيؤدي بالفعل إلى ضمور الأخلاق عندنا ثم ضعف القانون وبالتالي انهيار الدولة لا قدر الله- إن وضع اليد على المال العام من خلال ما نتعايش معه من حصول قلة على مواضع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب عبر دوائر الدولة المختلفة واجهزتها ذلك هو صلب الفساد الذي يتكلم عنه الجميع وهو نسخة محورة ومستنسخة توازي أو تفوق ما كان متعارف لدينا من الرشوة والعمولة بغير وجه حق. 

ومن المعلوم أن الفساد فسادان صغير وكبير، أما الصغير هو الذي يلحق عادة بصغار الموظفين العاديين وفسادهم عادة لا يتجاوز حدود الحاجة ومواجهة صعوبة أوضاعهم المعيشية. وممارسة هذا الفعل الصغير أو الأصغر هو ما نشاهده في يومياتنا وهو الخطر الداهم الذي يدمر قيمنا. ومن هنا لا بد من تذكير دولتنا أن من واجبها والواجب عند الأحناف هو فرض العين- بوضعية هؤلاء المغلوبين للحيلولة دون إنزلاقهم نحو الفساد من خلال زيادة أجورهم ودعمهم.

وأما الفساد الكبير وهنا هو بيت القصيد- فيلحق عادة بالمسؤولين الكبار وضباط الجيش والوزراء ورؤساء الحكومات ورؤساء الدول ربما من كل الذين يتحكمون في الثروات الوطنية للبلد ويبددونها تبديدا لكونهم أصحاب قرار وسلطة، مقابل الرشاوي وتحويل الأموال وتزوير العطاءات والتجاوز الجمركي وتزوير المساعدات الدولية والصفقات العمومية ومنح رخص الإستغلال والاستثمار في القطاع العام ألخ.. كل هذه الممارسات من الطراز الكبير تلحق أضرارا جسيمة بالدولة بدءا بالخزينة العمومية والإدارات المساندة، إذ أنها كلها لم تقم إلا على أساس الإجتراء على المال العام

سبت, 04/12/2021 - 09:37